تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لكل من له دَين

ـ[محبة لطيبه]ــــــــ[11 - 06 - 09, 01:22 ص]ـ

المديونُون

عن أبي سعيد الخدري وأرضاه قال: دخل رسول الله المسجد ذات يوم فرأى رجلاً من الأنصار يقال له أبو أمامة جالسًا فيه فقال: يا أبا أمامة ما الذي أجلسك في المسجد في غير وقت صلاة؟ قال: يا رسول الله، هموم لزمتني وديون غلبتني. فقال: ((أو لا أدلك على كلمات إذا قلتهن أذهب الله عنك همك وقضى عنك دينك؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: قل إذا أمسيت وأصبحت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال)) رواه أبو داوود في أبواب الوتر باب الاستعاذ

إنه الدين هَمّ الليل، وذل النهار، إنه الدين الذي يزعج القلوب ويشتت الأفكار. المديون مهموم مغموم ولو رآه الناس فرحًا مسرورًا. المديون ذليل حسير، كسيرٌ أسيرٌ ولو رآه الناس حرًا طليقًا. كيف يرتاح قلبه وكيف يطمئن فؤاده وهموم الناس أحاطت به من كل جانب؟ كيف يرتاح في بيته وقد طرقت عليه الأبواب من أصحاب الديون وأصحاب الحقوق.

كيف يرتاح نومه، كيف تنام عينه وهمُّ الدين يقلقها؟ وكيف يطمئن جسده ومصائب الحقوق تزعجه؟

لذلك ـ عباد الله ـ استعاذ النبي من الدين وقهر الرجال.

المديون مهموم مغموم فما أحوجه إلى الرحمة والعطف والإحسان. الله أعلم كم في قلوب المدينين من هموم وغموم لا يعلمها إلى الله رب العالمين، لذلك عباد الله وقف رسول الله بأبي وأمي على هذا المهموم والمغموم، وقد كان أرحم بأصحابه من الوالد بولده، وقف عليه فرأى آثار الأحزان والأشجان على وجهه فنزل الوحي عليه من السماء بهذا الدعاء؛ لكي يكون سلوانًا للمديونين وعزاء للمعسرين والمنكوبين.

معاشر المديونين: أنزلوا الحوائج بأرحم الراحمين وقفوا بباب أكرم الأكرمين.

الوصية الأولى: أن يكون فقركم إلى الله وغناكم بالله، توكلوا على الحي الذي لا يموت، توكلوا على من بيده خزائن السماوات والأرض، توكلوا على الحليم الكريم، وفوضوا الأمور إليه، وأذعنوا له بالذلة والتسليم. استودع ربي أموري كلها إن لم يكن ربي لها فمن لها. أنزلوا الحوائج بالله وتوكلوا على الله، وأحسنوا الظنون بالله وإن ضاقت عليكم قلوبكم فوسعوها باليقين بالله سبحانه وتعالى، فكم من هموم وغموم أحاطت بأصحابها فرجها الله عنهم من حيث لا يحتسبون.

الوصية الثانية: خذوا بالأسباب واطلبوا الرزق كما جعله رب الأرباب

(فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه) [الملك:15].

إن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة، خذوا بأسباب الرزق، وسددوا ولو بالقليل قال:

((من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله)) رواه البخاري من كتاب الاستقراض

أي من أخذ الدين وفي نيته أن يسدد أعانه الله وفتح له أبواب الرزق، ومن أخذ وهو يريد أن يضيع أموال الناس ويتلفها أتلفه الله عز وجل.

خذوا بالأسباب وسددوا ولو بالقليل؛ فإن الله يجعل القليل بالبركة كثيرًا.

يا معاشر الأغنياء والأثرياء: ارحموا الفقراء والضعفاء وتفقدوا المحتاجين والبؤساء، رجل يريد الدين فأعينوه وأعطوه، وإياكم وسوء الظن بالناس, وإن ذهبت أموالكم بالدنيا فلن تذهب عند ذي العزة والجلال، إن كانت تفنى أموالها فالآخرة ستصلح أحوالها.

يا معاشر الأغنياء والأثرياء: ارحموا الفقراء والضعفاء، وتفقدوا المحتاجين والبؤساء، يسروا ولا تعسروا، واستمعوا إلى ذي العزة والجلال حيث يقول في كتابه أصدق مقال:

(وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) [البقرة:280].

يا معاشر الأغنياء: الله امتحنكم بالغنى والثراء، فاحمدوا نعمة الله عليكم، فإن جاءكم المديون يشكي دينه فساعدوه، إن جاءكم رجل يريد الدين فأعينوه وأعطوه، وإياكم وسوء الظن بالناس، وإن ذهبت أموالكم في الدنيا فلن تذهب عند ذي العزة والجلال إن كانت الدنيا تفنى أموالها فالآخرة ستصلح بأحوالها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير