[[الإنصاف المفقود! في المعاملة مع عثرات العلماء!] ... من درر الشيخ: عبدالرحمن السعدي]
ـ[أبوالبراء الفلسطيني]ــــــــ[30 - 08 - 07, 12:44 ص]ـ
ومن أعظم المحرمات و أشنع المفاسد إشاعة عثراتهم, و القدح فيهم في غلطاتهم و أقبح من هذا وأقبح: إهدار محاسنهم عند وجود شيء من ذلك.
وربما يكون_ وهو الواقع كثيرا _ أن الغلطات التي صدرت منهم لهم فيها تأويل سائغ, ولهم اجتهادهم فيه.
معذورون, و القادح فيهم غير معذور.
وبهذا و أشباهه يظهر لك الفرق بين أهل العلم الناصحين, و المنتسبين للعلم من أهل البغي و الحسد و المعتدين.
فإن أهل العلم الحقيقي قصدهم التعاون على البر و التقوى؛ و السعي في إعانة بعضهم بعضا في كل ما عاد إلى هذا الأمر, وستر عورات المسلمين, وعدم إشاعة غلطاتهم, و الحرص على تنبيههم, بكل ما يمكن من الوسائل النافعة, والذب عن أعراض أهل العلم والدين.
و لا ريب أن هذا من أفضل القربات.
ثم لو فرض أن ما أخطأوا فيه أو عثروا ليس لهم فيه تأويل و لا عذر, لم يكن من الحق و الإنصاف أن تهدر المحسان, وتمحى حقوقهم الواجبة بهذا الشيء اليسير, كما هو دأب أهل البغي و العدوان, فإن هذا ضرره كبير, وفساده مستطير.
أيُّ عالم لم يخطئ؟ وأيُّ حكيم لم يعثر؟.
و قد علمت نصوص الكتاب والسنة التي فيها الحث على المحبة و الائتلاف, و التحذير من التفرق و الاختلاف. و أعظم من يوجه إليهم هذا الأمر أهل العلم والدين. فمتى لزموا هذه الأوامر الشرعية الحكمية, تبعهم الناس, واستقامت الأحوال. و متى أخلو بذلك, وحل محله البغي و الحسد, و التباغض و التدابر, تبعهم الناس, وصاروا أحزابا وشيعا, وصارت الأمور في أطوار التغالب وطلب الانتصار, و لو بالباطل, و لم يقفوا على حد محدود, فتفاقم الشر, و عظم الخطر, وصار المتولي لكبرها: من كان يرجى منهم _ قبل ذلك _ أن يكونوا أول قامع للشر!
و إذا تأملت الواقع, رأيت أكثر الأمور على هذا الوجه المحزن! و لكنه مع ذلك يوجد أفراد من أهل العلم و الدين ثابتين على الحق, قائمين بالحقوق الواجبة و المستحبة, صابرين على ما نالهم في هذا السبيل من قدح القادح, و اعتراض المعترض, و عدوان المعتدين.
فتجدهم متقرِّبين إلى الله بمحبة أهل العلم و الدين, جاعلين محاسنهم و آثارهم و تعليمهم و نفعهم نصب أعينهم, قد أحبوهم لما اتصفوا به و قاموا به من هذه المنافع العظيمة, غير مبالين بما جاء منهم إليهم من القدح و الاعتراض, حاملين ذلك على التأويلات المتنوعة, و مقيمين لهم الأعذار الممكنة.
و ما لم يمكنهم مما نالهم منهم أن يجدوا له محملا, عاملوا الله فيهم, فعفوا عنهم لله, راجين أن يكون أجرهم على الله, وعفوا عنهم لما لهم من الحق الذي هو أكبر شفيع لهم.
فإن عجزوا عن هذه الدرجة العالية, التي لا يكاد يصل إليها إلا الواحد بعد الواحد, نزلوا إلى درجة الإنصاف, و هي اعتبار ما لهم من المحاسن و مقابلتها بالإساءة الصادرة منهم إليهم, ووازنوا بين هذه و هذه:
فلابد أن يجدوا
جانب الإحسان أرجح من جانب الإساءة,
أو متساويين,
أو ترجح الإساءة.
وعلى كل حال من هذه الاحتمالات, فيعتبرون ما لهم و ما عليهم.
و أما من نزل عن درجة الإنصاف. فهو بلا شك ظالم ضار لنفسه, تارك من الواجبات عليه بمقدار ما تعدى من الظلم.
فهذه المراتب الثلاث:
مرتبة الكمال,
مرتبة الإنصاف,
و مرتبة الظلم,
تميز كل أحوال أهل العلم ومقاديرهم و درجاتهم, و من هو القائم بالحقوق
, و من هو التارك.
و الله تعالى هو المعين الموفق.
"الرياض الناضرة":ص (105 - 107) ط رمادي للنشر
ـ[أبو عبدالله الحضرمي]ــــــــ[30 - 08 - 07, 03:41 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[29 - 07 - 08, 12:27 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[محمد عمارة]ــــــــ[29 - 07 - 08, 01:10 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[محمد يحيى الأثري]ــــــــ[29 - 07 - 08, 02:12 م]ـ
جزاكم الله خيراً على الفائدة
ـ[أبو شوق]ــــــــ[30 - 07 - 08, 02:09 ص]ـ
اثابك الله
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[04 - 08 - 08, 02:13 ص]ـ
جُزيت الجنة
ـ[عبد الحق الجزائري]ــــــــ[04 - 08 - 08, 03:57 م]ـ
بارك الله أخي
ورحم الله الشيخ