تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وشَدَّ مِن سَغَبٍ أحشاءَهُ وطَوَى ... تحتَ الحجارةِ كَشْحَاَ ًمُتْرَفَ الأَدَمِ

وراوَدَتْهُ الجبالُ الشُّمُّ مِن ذَهَبٍ ... عن نفسِه فأراها أيَّمَا شَمَمِ

وأكَّدَت زُهدَهُ فيها ضرورَتُهُ ... اِنَّ الضرورةَ لا تعدُو على العِصَمِ

محمدٌّ سيدُ الكونينِ والثقَلَيْنِ ... والفريقين مِن عُربٍ ومِن عَجَمِ

نَبِيُّنَا الآمِرُ النَّاهِي فلا أَحَدٌ ... أبَرُّ في قَولِ لا منه ولا نَعَمِ

هُو الحبيبُ الذي تُرجَى شفاعَتُهُ ... لكُلِّ هَوْلٍ مِن الأهوالِ مُقتَحَمِ

دَعَا الى اللهِ فالمُستَمسِكُون بِهِ ... مُستَمسِكُونَ بِحبلٍ غيرِ مُنفَصِمِ

فاقَ النَّبيينَ في خَلْقٍ وفي خُلُقٍ ... ولم يُدَانُوهُ في عِلمٍ ولا كَرَمِ

وكُلُّهُم مِن رسولِ اللهِ مُلتَمِسٌ ... غَرْفَا مِنَ البحرِ أو رَشفَاً مِنَ الدِّيَمِ

وواقِفُونَ لَدَيهِ عندَ حَدِّهِمِ ... مِن نُقطَةِ العلمِ أو مِن شَكْلَةِ الحِكَمِ

فَهْوَ الذي تَمَّ معناهُ وصورَتُهُ ... ثم اصطفاهُ حبيباً بارِيءُ النَّسَمِ

مُنَزَّهٌ عن شريكٍ في محاسِنِهِ ... فجَوهَرُ الحُسنِ فيه غيرُ منقَسِمِ

دَع ما ادَّعَتهُ النصارى في نَبِيِّهِمِ ... واحكُم بما شئتَ مَدحَاً فيه واحتَكِمِ

وانسُبْ الى ذاتِهِ ما شئتَ مِن شَرَفٍ ... وانسُب الى قَدْرِهِ ما شئتَ مِن عِظَمِ

فَاِنَّ فَضلَ رسولِ اللهِ ليس له ... حَدٌّ فَيُعرِبَ عنهُ ناطِقٌ بِفَمِ

لو ناسَبَتْ قَدْرَهُ آياتُهُ عِظَمَاً ... أحيا اسمُهُ حين يُدعَى دارِسَ الرِّمَمِ

لم يمتَحِنَّا بما تَعيَا العقولُ به ... حِرصَاً علينا فلم نرتَبْ ولم نَهِمِ

أعيا الورى فَهْمُ معناهُ فليسَ يُرَى ... في القُرْبِ والبُعدِ فيه غيرُ مُنفَحِمِ

كالشمسِ تظهَرُ للعينَيْنِ مِن بُعُدٍ ... صغيرةً وتُكِلُّ الطَّرْفَ مِن أَمَمِ

وكيفَ يُدرِكُ في الدنيا حقيقَتَهُ ... قَوْمٌ نِيَامٌ تَسَلَّوا عنه بالحُلُمِ

فمَبْلَغُ العِلمِ فيه أنه بَشَرٌ ... وأَنَّهُ خيرُ خلْقِ الله كُلِّهِمِ

وكُلُّ آيٍ أتَى الرُّسْلُ الكِرَامُ بِهَا ... فانما اتصَلَتْ مِن نورِهِ بِهِمِ

فاِنَّهُ شمسُ فَضْلٍ هُم كواكِبُهَا ... يُظهِرْنَ أنوارَهَا للناسِ في الظُّلَمِ

أكرِمْ بخَلْقِ نبيٍّ زانَهُ خُلُقٌ ... بالحُسنِ مشتَمِلٌ بالبِشْرِ مُتَّسِمِ

كالزَّهرِ في تَرَفٍ والبدرِ في شَرَفٍ ... والبحرِ في كَرَمٍ والدهرِ في هِمَمِ

كأنَّهُ وهْوَ فَرْدٌ مِن جلالَتِهِ ... في عسكَرٍ حينَ تلقاهُ وفي حَشَمِ

كأنَّمَا اللؤلُؤُ المَكنُونُ في صَدَفٍ ... مِن مَعْدِنَيْ مَنْطِقٍ منه ومبتَسَمِ

لا طيبَ يَعدِلُ تُرْبَا ضَمَّ أعظُمَهُ ... طوبى لمُنتَشِقٍ منه وملتَثِمِ

أبانَ مولِدُهُ عن طِيبِ عنصُرِهِ ... يا طِيبَ مُبتَدَاٍ منه ومُختَتَمِ

يَومٌ تَفَرَّسَ فيه الفُرسُ أنَّهُمُ ... قَد أُنذِرُوا بِحُلُولِ البُؤسِ والنِّقَمِ

وباتَ اِيوَانُ كِسرَى وَهْوَ مُنْصَدِعٌ ... كَشَملِ أصحابِ كِسرَى غيرَ مُلتَئِمِ

والنارُ خامِدَةُ الأنفاسِ مِن أَسَفٍ ... عليه والنهرُ ساهي العَيْنِ مِن سَدَمِ

وساءَ ساوَةَ أنْ غاضَتْ بُحَيرَتُهَا ... وَرُدَّ وارِدُهَا بالغَيْظِ حينَ ظَمِي

كأَنَّ بالنارِ ما بالماءِ مِن بَلَلٍ ... حُزْنَاً وبالماءِ ما بالنار مِن ضَرَمِ

والجِنُّ تَهتِفُ والأنوارُ ساطِعَةٌ ... والحقُّ يظهَرُ مِن معنىً ومِن كَلِمِ

عَمُوا وصَمُّوا فاِعلانُ البشائِرِ لم ... تُسمَعْ وبارِقَةُ الاِنذارِ لم تُشَمِ

مِن بعدِ ما أخبَرَ الأقوامَ كاهِنُهُم ... بأنَّ دينَهُمُ المُعوَجَّ لم يَقُمِ

وبعد ما عاينُوا في الأُفقِِ مِن شُهُبٍ ... مُنقَضَّةٍ وَفقَ ما في الأرضِ مِن صَنَمِ

حتى غَدا عن طريقِ الوَحيِ مُنهَزِمٌ ... مِن الشياطينِ يقفُو اِثْرَ مُنهَزِمِ

كأنَّهُم هَرَبَا أبطالُ أبْرَهَةٍ ... أو عَسكَرٌ بالحَصَى مِن راحَتَيْهِ رُمِي

نَبْذَا به بَعدَ تسبيحٍ بِبَطنِهِمَا ... نَبْذَ المُسَبِّحِ مِن أحشاءِ ملتَقِمِ

جاءت لِدَعوَتِهِ الأشجارُ ساجِدَةً ... تمشِي اِليه على ساقٍ بلا قَدَمِ

كأنَّمَا سَطَرَتْ سطرا لِمَا كَتَبَتْ ... فُرُوعُهَا مِن بديعِ الخَطِّ في الَّلقَمِ

مثلَ الغمامَةِ أَنَّى سارَ سائِرَةً ... تَقِيهِ حَرَّ وَطِيسٍ للهَجِيرِ حَمِي

وما حوى الغارُ مِن خيرٍ ومِن كَرَمِ ... وكُلُّ طَرْفٍ مِنَ الكفارِ عنه عَمِي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير