تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كانت هناك أربع لوحات صغيرة ملونة قد تجتمع على أبواب البيوت في قشغر القديمة، التي بنيت على هضبة لتحميها من الفيضان. تشير اللوحة الأولى إلى عنوان البيت، والثانية إلى الرقم الخاص بالإطفاء، والثالثة إلى وصف أصحاب البيت بالود، ترحيبا بالزوار، أما الرابعة فهي إشارة إلى أن ترميم البيت أو بناءه، تم بدعم من الحكومة! أليست تلك تذكرة للساكن والمار بأن أصحاب البيت أصدقاء للعوز؟.

رعاة عشرة ملايين رأس

راع يحمل عصاه ويهش بها على غنمه وهو يصيح فيها حتى لا تتفرق الشياه التي تكتنز بالصوف. الصوف الذي يصنع منه كل شيء - تقريبا - من السترات إلى القبعات إلى السجاد والأحذية وأغطية المقاعد والوسائد والأغطية والقفازات، وما لم تسعفنا به الذاكرة.

يتقدم القطيع الذي يتجاوز عدده المائة رأس كبش ضخم لابد أنه أثبت تفوقه بقرنيه في أحد التنافسات الكثيرة التي تتم بين الزعامات الغنمية. تسير قطعان الغنم بحوافر منفصلة، مجترة وماضغة، تهتز فوق رؤوسها القرون المجوفة. ويكاد يتجاوز وزن أكبرها 200 كيلوجرام كما يترجم لنا الدليل على لسان الراعي.

قد يصل عمر الخروف إلى عشرين عاما. وتضع النعجة من واحد إلى ثلاثة حملان بعد فترة حمل تصل إلى 150 يوما، ويقف الحمل فور ولادته، بل ويعدو ويلهو خلال أيام، حتى يصل عمره أربعة أشهر فيقف راسخا، وهذه الغنم البرية تتمتع بقوة حاستي البصر والشم، وسيلتيها للهرب والفكاك من الحيوانات المفترسة. في القرى تحيك النساء الصوف بالإبرة، حتى في أثناء الحديث أو المشي أو رعاية الأطفال، ومراقبة الحيوانات. وقبيل موسم حصاد المحاصيل أو جمع الخشب تبدأ النساء حبك سترة جديدة، أو قبعة أخرى أو زوجًا من غطاء الأذن. لتوفر الدفء لأفراد الأسرة في الشتاء البارد القادم. يرتدي الرجال في شينج يانغ معاطف سوداء ثقيلة مبطنة بجلد الغنم. وتبطن قبعاتهم أيضا بالجلد، كما يصنعون أغطية من الخامة ذاتها. ولا عجب أن يوجد بالصين أكبر رؤوس الأغنام في العالم (130 مليونًا).

وفي شينج يانغ وحدها 10 ملايين رأس من الغنم المرينو الأسترالي الأصل، الذي يربى لأجل الصوف، والحليب، والأجبان، فضلا عن لحم الضأن الذي يقدم كخروف كامل في شينج يانغ، ويؤخذ منه الكباب الذي يسمونه يانغروتشيوان، الذي يشوى مع قطع من الدهن. ومن التعبيرات الشائعة التي تتخذ الغنم مادة لها قولهم «الغنم الأسود في الأسرة»، وكأنه شخص غير مرغوب (البطة السوداء في التعبير العربي الدارج)، وذلك لأن صوف الغنم الأسود لا يمكن صبغه ومن ثم فإنه أقل قيمة. كما يقولون: «شد الصوف على عينيه»، لارتداء قبعة كبيرة الحجم تنزلق دائما على العيون، مسببة عدم الرؤية، ويقولون أيضا «مصبوغ بالصوف»، أي أن الصوف الخام مصبوغ وليس الملابس، مما يعني جودة أفضل وقوة أكبر، وأخيرًا يقولون، «مكسو بالصوف»، وهو قول معناه أن تُخدع أو أن تُسرق أغراضك.

اسم الحجر وابتسامة الحرير

يمارس أبناء قومية الأويغور الزراعة نشاطًا رئيسيًا، ولهم خبرة وفيرة في زراعة القطن وفنون البستنة. نحنُ في الطريق إلى سوزاق، وهو اسم قرية ندر فيها الماء فاستحقت الاسم الذي يعني باللغة الأويغورية الماء البعيد. يضيّفنا صاحب البيت وعائلته، اسمه طاش ومعناه الحجر. رغم اسمه كانت ابتسامة طاش ناعمة مثل الحرير. عرفنا سر التسمية، لقد كانت أمه تفقد أبناءها بعد ولادتها لهم، لكن مضيفنا عاش، فأسموه طاش، أي أنه الرجل الصلد الذي قاوم الموت! للأسماء هنا معانيها، فمنهم من يسمي ابنته بما يعني (كفاية)، وهو دلالة على أن تكون تلك آخر المعاناة التي كان يعانيها سابقا الأب. الاسم نفسه يتكرر في العائلة الواحدة، أما الأجيال الجديدة فتميل لتسمية ثنائية، مثل محمد علي، ومحمد صالح، مثل حفيد المزارع طاش.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير