ليس شينا ولا عيبا أن يُخطئ الإنسان، فالخطأ مما جبل عليه بنو آدم، وإن زعم بعضهم - جهالة وغرورا- أنهم معصومون، كأنهم مستثنون من حديث من لا ينطق عن الهوى - عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم -:» كلّ بني آدم خطّاءون .. «، ولذلك كان من فضل ذي الفضل العظيم ورحمته التي* ?وسعت* ?كلّ* ?شيء* ?أن* ?رفع* ?عن* ?عباده* ?الخطأ* ?غير* ?المتعمّد*. ?فقد* ?ورد* ?على* ?لسان* ?رحمته* ?المهداة*:» ?رفع* ?عن* ?أمتي* ?الخطأ* ?والنسيان* ?وما* ?استكرهوا* ?عليه* «. ?وبذلك* ?فليفرح* ?المؤمنون*.?
ولكن الشّين كل الشين، والعيب كل العيب هو أن يكون الخطأ مما تعمّدته القلوب، وخططت له العقول، وابتهجت به النفوس .. والمخطئ من هذا الصنف إذا نبّه إلى خطإه أخذته العزة بالإثم، وصعّر خدّه، ولوى رأسه تميّزا من الغيظ، وإعراضا عن الحق، وأرغى وأزبد، وزفر وشهق (*)، وأخرج من فمه ما أستحيي من ذكره لنتانته، فسلق بلسانه الصدئي منبّهه، لأنه لم يستطهر القذارة، ولم ير حسنا ما ليس بالحسن .. وإذا كان الأخيار من الأولين قالوا:» لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار «فإن بعض» الخشب المسنّدة «تصر على الجمع بين الكبائر والإصرار* ?عليها* .. ?
كلما أقبل الصيف أصيب بعض» الكائنات «عندنا بما سمّاه أسلافنا» طكّوك «أو ما سمّاه أحد الظّرفاء» انفلونزا الشياطين «حيث يكثر السّفه، وتتفشّى القذارة، وتستعلي الرذيلة، وتُزهق الفضيلة بسبب هذه المهرجانات الخليعة التي تفرّق بين المرء وزوجه ... وتكون الجزائر من شرقها* (?تيم?اد* - ?جميلة*) ?إلى* ?غربها* (?وهران*) ?مسرحا* ?لها،* ?ويستخفّ* ?القائمون* ?عليها* ?والمجادلون* ?عنها* ?الأغرار* ?فيسمونها*» ?مهرجانات* ?فنية* - ?ثقافية* «?ويصفونها* ?بالدولية* .. ?
إذا كان العري» فنّا «و» ثقافة «فجميع الحيوانات البادية سوءاتها أفضل من هؤلاء» الفنانين «و» الفنانات «لأن عريها مما فطرت عليه، ولهذا لا يخجل المرء عندما يمر عليها أو يشاهدها ويكون مع أبيه، أو أمه، أو أخيه، أو ابنه .. كما لا ينزعج الإنسان السوي من أصوات هذه الحيوانات* ?في* ?حين* ?يصاب* ?بالغثيان* ?عندما* ?يسمع* ?نعيق،* ?ونهيق،* ?ونقيق* ?هؤلاء* "?الفنانين*" ?و*" ?الفنانات*". ?ورحم* ?الله* ?حكيمنا* ?أبا* ?العلاء* ?المعري* ?القائل*: ?
عوى* ?الذّئب* ?فاستأنست* ?للذئب* ?إذ* ?عوى
وصوّت* ?إنسان* ?فكدت* ?أطير*.?
لقد تميزت» انفلونزا الشياطين «في هذه السنة في الجزائر بالحدّة والشّدة، حيث استقبلت - وهي التي» كانت تصدّر فن الجهاد (1) «- نماذج بشرية كاسية - عارية، وذلك في إطار ما سمّي» المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني «، الذي لم تستضفه - لتفاهته - أية دولة منذ عُقد أول مرة في سنة 1969 في الجزائر، ليعود إليها بعد أربعين سنة، مما يدل على أن» دار لقمان على حالها «. ولو كان في هذا المهرجان خير لما أهمله الأفارقة أربعين سنة، ولتهافتوا عليه. ولكنهم وجدوه لا قيمة له فأعرضوا عنه.
لقد أخذت الغيرة والشرف بعض أئمتنا فندّدوا - مشكورين مأجورين - في دروسهم وخطبهم الجُمُعِيّة بمظاهر العري في الاستعراضات وبـ» مقاطع تخدش الحياء (2) «في بعض المسرحيات، وبانتهاك أعراض بعض الفتيات القاصرات (3)، وبتبذير الملايير من الدينارات في التفاهات فإذا بأناس نعرفهم بسيماهم وفي لحن القول ينهالون تشنيعا على أولئك الأئمة الأخيار، وتقريعا لهم، حيث وَصفت من غرّها الثناء تنديدهم بـ» السلوك المتخلف (4) «فكانت - عن جدارة واستحقاق - ضمن من عناهم الشاعر الفحل مفدي زكرياء في قوله:
وبعضهم* ?أغربوا* ?في* ?السّخافة* ?
فينتقدون* ?ويحتقرون* ?
وينتحلون* ?أعزّ* ?الكُنى* ?
ويختلسون* ?جهود* ?سواهم* ?
غرابيبُ* ?سودٌ،* ?تجيد* ?النّعيقَ،
وتستبله* ?الناس* ?في* ?كل* ?شيء
وبالجهل* ?يحتكرون* ?الثقافه* ?
وينتقصون* ?الحجى* ?والحصافه
ويمتهنون* ?جلال* ?الصحافه
بدون* ?حياء،* ?ودون* ?نظافه
وتختال* ?في* ?مشيها* ?كالزرافه
فما* ?أثبت* ?العقل* ?قالت* ?خلافه
وما* ?قرر* ?العلم* ?والضالعون،* ?رمته،* ?وقالت*:?* ?حديث* ?خُرافه
¥