5 - الاستبداد بالرأي: فهذا الذي ظن أنه قد أوتي العلم واكتفى بما بين يديه ستجده مستبدًّا برأيه كما قال ابن الجوزي -رحمه الله-: "أفضل الأشياء التزيد من العلم؛ فإنه من اقتصر على ما يعلمه فظنه كافيا استبد برأيه، فصار تعظيمه لنفسه مانعًا من الاستفادة"، وقال: "غير أن اقتصار الرجل على علمه إذا مازجه نوعُ رؤية للنفس حُبس عن إدراك الصواب، نعوذ بالله من ذلك".
6 - استصغار طلبة العلم والعلماء: فمن رأى لنفسه مكاناً عالياً لا يصل إليه أحد استصغر غيره، ومن استصغر غيره نسي فضلَه وسبقَه، فأوقعه الشيطان في انتقاصه والنيل منه ظنا منه أنه يتعبد لله بذلك، وما أُتي المسكين إلا من قبل جهله.
ولما كان الأمر بهذه الخطورة؛ فقد لزم أن يحرص المربُّون من الإخوة والدعاة على العمل على وقاية أبنائهم وتلاميذهم من هذا المرض، خاصة هؤلاء الذين تبدو عليهم أمارات النجابة ويُتوقع لهم مستقبل في طلب العلم، وأن تتم هذه الوقاية قبل أن تحدث الإصابة ويصعب العلاج، وكما قيل: "الوقاية خيرٌ من العلاج".
وأهم عناصر الوقاية تتمثل في:
1 - التربية على إخلاص النية لله -تبارك وتعالى-:
فهو أول الأمر وأوسطه وآخره، وكذا هو العلاج لمعظم هذه الأسباب؛ فمن أخلص لله -تعالى- لم يبحث عن الثمرة العاجلة، بل سيظل مع العلم من المهد إلى اللحد، ومع المحبرة إلى المقبرة، ولن يبحث عن الشهرة وحب الصدارة والعلو، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من تعلم علما مما يُبتغى به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضًا من الدنيا؛ لم يجد عرف الجنة -يعني ريحها- يوم القيامة» [رواه أبو داود وابن ماجه، وصححه الألباني].
وقال الحسن -رحمه الله-: "من طلب العلم ابتغاء الآخرة أدركها، ومن طلب العلم ابتغاء الدنيا فهو حظه منه".
2 - التركيز على مسألة أن العلم لا يُنال بالراحة:
قال يحيى بن أبي كثير -رحمه الله-: "لا يُستطاع العلم براحة الجسد".
وقال ابن الحداد المالكي: "ما للعلم وملائمة المضاجع"!
وقال الإمام الشافعي: "لا يبلغ في هذا الشأن رجل حتى يضر به الفقر ويؤثره على كل شيء".
فمن أراد صدقًا أن يطلب العلم فعليه أن ينبذ الكسل والدعة، وأن يسعى سعيًا حثيثا حاذٍ حَذو سلفه؛ حتى يدرك غايته وينال بغيته، وكما قيل: "أعطِ للعلم كلَّك يعطِكَ بعضه".
3 - الاهتمام بمدارسة سير السلف الصالح:
ومواقفهم في طلب العلم، وبذلهم الجهد في الرحلة ونحو ذلك؛ ليكون للخلف قدوة فيمن سلف، ويُنصح حديثي الالتزام والمبتدئين في الطلب –بصفة خاصة- بالقراءة في كتاب "من أعلام السلف" للشيخ أحمد فريد, ثم كتاب "صفة الصفوة" لابن الجوزي -رحمه الله-، وينصح بمراجعة كتاب "علو الهمة" للشيخ محمد إسماعيل الفصل المتعلق بعلو الهمة في طلب العلم، وكذا كتاب "صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل" للشيخ عبد الفتاح أبي غدة.
3 - التركيز على مسألة التخلص من رواسب الجاهلية:
كالكبر، ورؤية النفس والثقة بها، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر» [رواه مسلم].
4 - التربية على توقير أهل العلم والسابقين بالخير:
ومعرفة مضار الاشتغال بعيوب الناس، وكذا منهج السلف في التعامل مع أخطاء الآخرين، والتربية على آداب طلب العلم.
نسأل الله أن يوفقنا لمراضيه، وأن يجعل مستقبل أيامنا خيرا من ماضيه.
المراجع:
اقتضاء العلم العمل - تذكرة السامع والمتكلم - جامع بيان العلم وفضله - حلية الأولياء - سير أعلام النبلاء - شرح إحياء علوم الدين للزبيدي - صيد الخاطر - عوائق الطلب.
هاؤم المصدر من هنا ( http://http://www.3oche9al7or.com/vb/t5071.html)
ـ[إبراهيم محمد المصري]ــــــــ[13 - 08 - 09, 10:29 ص]ـ
أحسنت أحسن الله إليك
ـ[ابن عبدِ الحميد]ــــــــ[13 - 08 - 09, 04:26 م]ـ
وإليكم أحسن الله أخي الكريم، نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا لأخ\ العلم عن العلماء من أفواههم