تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فأوسعها وهنا، وأوسعتها قوة

وكادت يد الجاني السخّر تعتلي

فَيَا لو ضِيع النّفْسِ كَيفَ تَطاولتْ

فَوَافَتكَ بالنَّصْر العَزِيزِ طَلائعٌ

وإنْ أنْسَ لا أنْسَى الذينَ تَظَافَرُوا

فيَالكَ مِنْ شَيخَ حَمََتْهُ يَدُ المَوْلَى

إليك أمرؤ أملي له الغي ما أملي

تعود أن ينضي بها ذلك النصلا

وأجهدتها عقدا، وأجهدها حلا

يد الشيخ لولا الله أدركه لولا

بِهِ نَفْسُه حتَّى أسرّ لَكَ القَتلاَ

مُبَاركةٌ تَتْرى من الْملأ الأعْلَى

عَلى الفَتْكِ بالجَاني فقلتَ لَهُم مَهْلاَ (11)

وجاءت من الشاعر الكبير السعيد الزاهري قصيدة ينوه فيها بشخصية الإمام بن باديس، ويستنكر فعل خصومه الأنذال ومطلعها:

لا تبلغ العلياء دون ثبات

يا وقفة لك في سبيل الله لم

بعثوا إليك منوما يعدو على

قطع الطريق عليك في غسق ولم

نهضوا لحرب المصلحين لعلهم

أذوك حين دعوت من ضلوا الـ

هيهات دون المجد كل أداة

نرهان لغيرك من ذوي الوقفات

ما فيك من جد ومن عزمات

تكن التّيوس لتقطع الطرقات

يقفون دون طريقة عشرات

ـدين النير بحكمة وعظات (12)

وجاء من الشاعر الوطني رمضان حمود قصيد مطلعه:

عِشْ سالما عبد الحميد من البلا

عش كالهلال سناؤه وعلوه

قد خابت الأنذال وهي كتائب

والكل نحوك أنجم وكواكب (13)

وكتب الشيخ العربي التبسي – وهو طالب بالأزهر الشريف بمصر – مقالا موسوم "أريد حياته ويريد قتلي" قال فيه بعد أن اثنى عل مجلة الشهاب: "وما قبل اليوم كاهن، ولا عراف، ولا زاحر، يقر إليه (في أذنيه) يظن أن هناك مخلوقًا من إنس، أو جن، تحدثه نفسه بأن يحمل المعول والفؤوس ليهد علمًا يزاحم الكواكب بالمناكب، من أعلام الإسلام في سبيل الشيطان، ومرضاة الطاغوت، ولكن من سبقت عليه الشقاوة، وجرى عليه القضاء، اتبع هواه فركبها عشواء مظلمة!

من ذا الذي لا ينفلق كبده أسفًا وغمًا لما أتاه هذا الأفاك الأثيم العليوي مما يغضب الرحمان، ويثير الأشجان؟

ألا فليعلم العليوي السفاك، ولي إبليس، أن فعلته التي فعل لم تكن مسددة إلى الأستاذ العظيم ابن باديس، وإنما رمى بسهمه نحر الإسلام، وأنه أراد هو وشيعته أن يأتوا بدين مزيج من معتقدات الآباء الكاثوليك، والرسل البروستانتيين، فليس له أن يرغم علماء الإسلام على قبول شنعه باسم دينهم وأن يكم أفواههم حذر أن يبينوا للناس ما أتيتم به مما ينقض الهيكل الإسلامي، ويحطمه لبنة لبنة، فدون وصولكم إلى غايتكم – والله – لمس السماء، ودك الشاخب (الجبال) " ... (14)

واستمرت الرسائل والقصائد تهنئ ابن باديس وتنعي باللائمة على المعتدي وحزبه، فكانت هذه الحادثة رغم فضاعتها وبشاعتها مباركة على المصلحين وأنصارهم، فقد تأهبوا للدفاع عن الفكرة الإصلاحية ورعايتها بينما باء أهل الزيغ والضلال بالهزيمة وسوء السمعة فانكشف حالهم وحيطت أعملهم فكانوا من الخاسرين.

موقف ابن باديس من الحادث وكلمته الصريحة:

بعدما تبين أن للعلويين والطرقية المنحرفة يد في الحادث، بين الإمام بن باديس موقفه من الحادث، موجها كلمة صريحة للطرقية، يقول: "لا يهمنا اليوم أن نجهز على الجريح المثخن الذي لم يبق منه إلا ذماء، وإنما يهمنا أن نبين موقفنا مع البقية من شيوخنا ونسمعهم صريح كلمتنا. حاربنا الطرقية لما عرفنا فيها – علم الله – من بلاء على الأمة من الداخل ومن الخارج، فعملنا على كشفها وهدمها مهما تحملنا في ذلك من صعاب. وقد بلغنا غايتنا والحمد لله، وقد عزمنا على أن نترك أمرها للأمة، هي التي تتولى القضاء عليها، ثم نمد يدنا لمن كان على بقية من نسبته إليها لنعمل معًا في ميادين الحياة على شريطة واحدة: وهي أن لا يكون آلة مسخرة في يد نواح اعتادت تسخيرهم، فكل طرقي مستقل في نفسه عن التسخير فنحن نمد يدنا له للعمل في الصالح العام، وله عقليته لا يسمع منا فيها كلمة، وكل طرقي – أو غير طرقي – يكون أذنًا سماعة وآلة مسخرة، فلا هوادة بيننا وبينه حتى يتوب إلى الله. قد نبذنا إليكم على سواء .. إن الله لا يحب الخائنين" (15).


الهوامش:
1 - الشهاب، ج11، م14، محرم 1357 – مارس 1938، ص: 204.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير