[عليان المجنون "عليان بن أبي مالك"]
ـ[العوضي]ــــــــ[07 - 08 - 09, 11:27 م]ـ
[عليان المجنون "عليان بن أبي مالك"]
قال السري مولى ثوبان أدركت بالكوفة مجنوناً يقال له عليان وكان يأوي إلى دكان طحان وكانت معه عصى وفي رأسها كبة قطن وعليها خرقة لا تفارقه، وكان الصبيان قد علموا وقت مسيره إلى الدكان فيجتمعون ويعبثون به، فإذا بلغت أذيتهم منه قال للطحان قد حمي الوطيس وطاب اللقاء وأنا على بصيرة من أمري فما ترى؟ فيقول شأنك، فيثب وهو يقول:
إذا هم ألقى بين عينيه عزمه ... وأعرض عن ذكر العواقب جانباً
ثم يشد مئزره ويقول:
قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم ... دون النساء ولو باتت باظهار
ثم يتناول العصا ويشد عليهم ويقول:
أشد على الكتيبة لا أبالي ... أحتفي كان فيها أم سواها
والصبيان يهربون، فإذا أرهقهم طرح الصبيان أنفسهم وكشفوا عن عوراتهم، فيعرض عنهم بوجهه ويقول عورة المؤمن حمى لولا ذلك لتلف عمرو بن العاص يوم صفين ثم يعود إلى دكان الطحان ويلقي عصاه ويتمثل:
وألقت عصاها واستقرت بها النوى ... كما قر عيناً بالإياب المسافر
قال الإمام أبو يوسف القاضي رحمه الله كنت ماراً في طرقات الكوفة وإذا أنا بعليان المجنون فلما بصر بي سلم علي وقال لي أيها القاضي مسئلة قلت هات، قال أليس قال الله تعالى في كتابه العزيز " وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ". قلت بلى قال أليس قال الله عز وجل: " وإن من أمة إلا خلا فيها نذير "، قلت بلى، قال فما نذير الكلاب؟، قلت لا أدري فأخبرني، قال لا والله لا أقول إلا بمن رقاق من شواء ونصف من فالوذج، فأمرت من جاء بها، ودخلت معه مسجداً فأكلها حتى أتى على آخرها، فقلت هات الجواب فأخرج من كمه حجراً وقال هذا نذير الكلاب! J.
وقال له بعض الناس يوماً يا مجنون، فقال مهلاً إنما المجنون من عرف الله ثم عصاه.
قال علي بن ظبيان: أتاني عليان ذات يوم وأنا في داري فقلت له: ما تشتهي؟ قال: فالوذج فأمرت أهل الدار فاتخذوا له فالوذجاً وقدم إليه فأكله. ثم قال: يا علي! هذا فالوذج العام. فهل لك في فالوذج العارفين؟ قلت نعم. قال: خذ عسل الصفا، وسكر الوفا، وسمن الرضا، ونشا اليقين. ثم القها في طنجير التقى، ثم صب عليه ماء الخوف، وأوقد تحتها نار المحبة، ثم حركها باصطام العصمة، ثم اجعلها في جام الذكر، ثم روحها في مروحة الحمد حتى تبرد، ثم كلها بملعقة الاستغفار. فإنك إن فعلت ذلك ضمنت لك أن لا تعصي ربك أبداً.
قال زهير بن حرب: أمر الخليفة موسى الهادي باحضار بهلول وعليان فأحضرا. فلما دخلا عليه قال لعليان: ايش معنى عليان؟ قال عليان: وايش معنى موسى اطبق؟ فغضب الهادي وقال: خذوا برجل ابن الفاعلة. فالتفت عليان إلى بهلول وقال خذها إليك. كنا اثنين فصرنا ثلاثة JJJ.
قال أبو جعفر: لقيت عليان يوم العيد على شدة شوقي إليه، وقصد مقبرة فلما توسطها رفع رأسه وقال: اللهم بك صام الصائمون؛ ولك قام القائمون، وقربوا قربانهم، ودخلوا منازلهم، وأنسوا بأهاليهم. وقد قربت قرباني. فليت شعري! ما صنعت بقرباني؟ اللهم! إني أصبحت لا منزل لي، ولا عندي طعام. فاجعل قرباني منك بالمغفرة. فلما رآني أرمقه؛ وثب هارباً على وجهه.
المراجع: عقلاء المجانين / العقد الفريد / الأذكياء / أخبار الظراف والمتماجنين.
اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ
من البريد ...