تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وللإجابة على هذا السؤال نستطيع القول بان تركستان الشرقية تتمتع بموقع جغرافى واستيراتيجى مهم بالنسبة للصين فهى جسرها لوسط آسيا والشرق الأوسط، كما ان موقعها فى شمال غرب الصين يدعم علاقات الصين مع العالم الإسلامى لتحقيق مصالحها؛ فهذا الموقع يتمتع بأهمية لإدارة العلاقات السياسية الصينية مع دول الجوار ودول العالم الإسلامى، ويضمن كذلك الوجود الصينى فى منطقة آسيا الوسطى فى مواجهة أحلام الدول الأخرى وخاصة امريكا فى هذه المنطقة نظرا لتمتعها بثروات طبيعية هائلة تمثل عصب الاقتصاد لأى دولة، فيكفى أن نعرف ان تركستان الشرقية تمتلك أغنى وأجود أنواع اليورانيوم فى العالم وهو المادة الأساسية فى الإنتاج الذرى الصينى، وتعد تركستان الشرقية كذلك منطقة برنامج الفضاء الصينى وبرنامج تطوير الأسلحة النووية، كما يوجد بها البترول والفحم والذهب وثروات زراعية.

مما سبق تتضح القضية؛ أرض خصبة تحتوى على ثروات طبيعية يقابلها طمع صينى فى هذه الثروات لذلك احتلت الصين تركستان الشرقية وطبقت فيها السياسات التى تضمن لها إحكام سيطرتها عليها بهدف التمتع بثرواتها وحرمان أصحابها الحقيقيون منها وتركهم يعانون مرارة الفقر.

لقد مر الاحتلال الصينى لتركستان الشرقية بعدة مراحل تخللتها قدرة التركستانيين الشرقيين على نيل الاستقلال عدة مرات من خلال ثورات عديدة أشعلوها وكان من أشهرها ثورة قومول عام 1931 م وثورة إيلى عام 1944 م إلى ان بدأ عهد جديد فى تاريخ تركستان الشرقية بعد الاحتلال الصينى الشيوعى لها عام 1949 م وضمتها إليها كمنطقة تتمتع بحكم ذاتى - وهو حكم صورى تولى فيه الصينييون السلطة الفعلية وكانت مشاركة التركستانيون مشاركة وهمية - ومنذ ذلك التاريخ لا تزال تركستان الشرقية ترزح تحت نير الاستعمار الصينى الشيوعى.

ومنذ الاحتلال لم تهدأ المواجهات والانتفاضات وحركات التحرير من ابناء تركستان الشرقية ضد الصين، وذلك بمثابة الاحتجاج والرفض للممارسات والإجراءات الصينية المطبقة فى تركستان الشرقية من ناحية الدين والثقافة والسكان، وحرمانهم من كل حقوقهم فى وطنهم وعزلهم عن العالم الخارجى وفرض سياج من التعتيم على أوضاعهم المعيشية المتدنية.

بارقة أمل

وربما تأتى تلك الأحداث الأخيرة لتذكر العالم بوجود هؤلاء المسلمون الذين طالما ظهر من بينهم مجاهدون يناضلون من أجل نصرة قضيتهم فى كل المحافل الدولية أملا فى كسب قضيتهم لتأييد الرأى العام العالمى، وشوقا إلى أن تمد لهم المنظمات الدولية بما فيها منظمات حقوق الإنسان يد العون لإخراجهم من هذه المحنة التى يعيشونها فى ظل احتلال يجثم فوق صدورهم منذ سنوات بعيدة ويسلبهم حتى حقهم فى الحياة، فهل يحظى هؤلاء بتأييد العالم بكل فئاته لجهودهم من أجل الاستقلال؟

انهم يعلقون الآمال على دول ذات ثقل فى العالم لكى تضغط على الصين لتخفيف وطأة الاحتلال وتحقيق آمالهم فى الحرية، وتأتى تركيا على رأس هذه الدول باعتبارها بمثابة الشقيقة الكبرى بالنسبة لهم، وبالفعل تساند تركيا أبناء تركستان الشرقية بالقول والفعل فيعيش على أراضيها الآلاف من المهاجرين من تركستان الشرقية كما يأتى التأييد كذلك على المستوى السياسى والرسمى والدليل على ذلك ما صرح به رئيس الوزراء التركى رجب طيب اردوغان من ان بلاده ستطلب من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مناقشة سبل إنهاء العنف العرقى فى تركستان الشرقية، ودعا كذلك وزير الصناعة التركى إلى مقاطعة البضائع الصينية احتجاجا على العنف.

وتمثل منظمة المؤتمر الإسلامى أحد المنابر التى يمكن أن تصل بصوتهم إلى العالم من أجل الحفاظ على هويتهم الإسلامية فى مواجهة محتل يسعى إلى طمس تلك الهوية وصهرها فى بوتقة الصين، وقد أعلن أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام للمنظمة ان الحكومة الصينية لا ينبغى عليها حل صراعات المنطقة بالإجراءات الأمنية وحدها لأن الأويغور شعب له خلفية ثقافية وعرقية خاصة، و له هويته الإسلامية التى يريد أن يعيش وفقا لها.

كما يأمل التركستانيون كذلك فى مساندة أمريكا-باعتبارها تدافع عن حقوق الإنسان و بما لها من ثقل دولى - لقضيتهم ولاسيما ان زعيمة طائفة الأويغور وزعيمة مجلس الأويغور العالمى ربيعة قادير تعيش فوق أراضيها.

وفى النهاية فإن نعمة الثروات الطبيعية التى تتمتع بها تركستان الشرقية والموقع الاستيراتيجى المهم؛ تحولوا إلى أسباب فقدها استقلالها وحريتها وإحكام سيطرة الصين عليها لضمان استمرار تقدمها الصناعى على حساب استنزاف ثروات تركستان الشرقية من أيدى أصحابها الحقيقيين.

(اللهم امنح تركستان الشرقية استقلالها ........ آمين)

د. مياده أحمد محمد

خبيرة فى قضية تركستان الشرقية وحاصل على الدكتوراه فى القضية

كلية الآداب - جامعة عين شمس

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير