[كيف نتعامل مع القرآن؟؟ د. عوض القرني]
ـ[أبو عبدالإله]ــــــــ[14 - 09 - 07, 08:12 ص]ـ
القرآن العظيم هو كلام الله المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته، المنقول إلينا بالتواتر، المبدوء بسورة الفاتحة المختوم بسورة الناس، والقرآن العظيم هو كتاب الكون المقروء، وكتاب الحياة المسطور، وهو كلام الخالق البارئ سبحانه وتعالى إلى عباده وخلقه، أنزله بالحق وبالحق نزل كما قال تعالى: {وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً} الإسراء105، جعل فيه حياة عباده وعزهم وكرامتهم ومجدهم وسؤددهم كما جعل الماء سببا للحياة، وجعل الدواء سببا للعافية والشفاء، كما قال تعالى: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} الأنعام122، ولذا فهو كتاب الحضارة والتطور والتقدم وهو كتاب العلم والتقنية وكتاب الروح والفؤاد والنفس المطمئنة، وكتاب الحياة بمختلف دروبها ومجالاتها، وهو كتاب الزمان بطوله وعرضه وعمقه وأحداثه، وكتاب المكان الذي يسع علم الأرض والسماء، وكتاب البشرية جمعاء بمختلف ألوانها ولغاتها وأوطانها وثقافاتها وعلومها ومعارفها.
إنّ على أمتنا اليوم أن تتعامل مع هذا الكتاب العظيم على أنه السجل الخالد، والنور المبين الذي يبدد ظلام البشرية الحالك، وعلى أنه الكتاب الشامل الذي ينتظم كل شوؤن الحياة ومتطلباتها، وعلى أنه الهدى الإلهي الذي يدل الحائرين إلى ربهم وخالقهم ومعاشهم ومعادهم، وعلى أنه الكتاب الكامل المعصوم من الأخطاء والنقائص، وعلى أنه الدواء الناجع لكل أسقامها وعللها ومشكلاتها في مختلف مسارات الحياة المتعددة.
إنّ على أمتنا اليوم أن تأخذ هذا الكتاب إلى البشرية بقوة وجلد وأمانه ومسؤولية، لتبلغ الهدى والنور والحق الإلهي الذي فيه إلى قطعان البشرية الضائعة.
على الحاكم فينا وعلى الساسة وصنّاع القرار في بلداننا أن يأخذوا منه العدالة والحق والعزة والكرامة لبني البشر أجمعين، والعدل والقسط والرحمة والمساواة والحرية.
وعلى العالم منا أن يأخذ منه سعة العلم والفقه والرحمة والحكمة.
وعلى مثقفينا أن يأخذوا منه الأدب والحياء وغذاء الروح والعقل والفن والجمال والإبداع والروعة والحضارة والتاريخ.
وعلى المخترع منا أن يأخذ منه الحقائق العلمية لأوصاف الحياة والكون والإنسان، وأن يتعامل مع هذا الكتاب على أنه كتاب العلم الأول الذي فيه العلم الإلهي المنزه عن أي قصور أو خلل، كما قال تعالى: {لَّكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً} النساء166.
وعلى الفنان والمبدع أن يأخذ منه آيات الجمال والروعة والفن الأصيل {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} النحل6، {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ، وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} فاطر27، 28}.
فهل رأت عينٌ جمالاً أحسن وأروع من هذا؟!.
وعلى التاجر أن يأخذ من هذا الكتاب المعاملات المالية الإسلامية والرحمة والرأفة بالخلق والشفقة عليهم والأمانة والقيم والأخلاق التجارية الفاضلة.
إن علينا أن نتعامل مع كلام ربنا سبحانه وتعالى تعامل العبد مع خالقه والمربوب مع ربه وسيده ومالكه كما قال مولانا سبحانه وتعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً} الإسراء9.
د. عوض بن محمد القرني
أبها
الأحد: 7/ 2/1428هـ
http://www.al-resalah.net/Links/detail.asp?iData=37&iCat=72&iChannel=6&nChannel=Links