تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[طرفة تفكه بها .. ،]

ـ[أبوصهيب المغربي]ــــــــ[29 - 08 - 09, 12:21 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم:

قد أجد النصب يسري في بدني،و يقعدني عن إتمام ما شرعت فيه من بحث، أو مطالعة كتب الحديث أو الفقه او ما يحاذيها، فأستنجد بكتب الأدب و الشعر، عساها ترفع عني إصر التعب، و تخفف من وقعه بما حوته من المُلح و الطرف، و ثمار طيبة تُقتطف،و الغريب أن منتجعي اليوم هو كتاب لأحد أعلام الأندلس ممن أسدلت عليه ستائر النسيان، وعفا على ذكره الزمان، فأهمِل تفريطا من الأمة و تقصيرا، و عَظُمت الحسرة لما لم يلف له نظيرا،

و حري به أن يُعلى مناره فيُذكر، و يشاد عُمرانه فيشهر، و بتمجيد ذكراه يُعمر، فقد كان في علم الحديث متفردا بالريادة دون منافِس، و في الشعر ديباجةَ الفرزدق لابس، ينظم منه ما تُشعشع له الحوالك الدوامس، و في نثره ما يُبَلِّغ رجاء الآيس، و يذهب كُربة العابس، برقة لفظٍ مع حسن معنىً متجانس،

وما ابن الخطيب بالصيت منه أجدر، ولكن أغفله الدهر فتعثر، فمُني عَلَمنا بنحس أسود،و ابن الخطيب بسعد أسعد، و لكن الأول بذ ابن الخطيب فأبعد، فكان ما بينهما مثل ما بين الشرق و الغرب، مما تتيه فيه القطا من طول السير و الضرب،إنه اخي الفاضل:

الشيخ الفقيه، الأجل، الخطيب البليغ، الإمام، الحافظ المحدث، الأوحد، الأسنى، العلامة، أبو الربيع سليمان بن موسى بن سالم الحِميري الكلاعي البلنسي الأندلسي،المتوفى سنة: 624هـ، شهيدا مقبلا غير مدبر،فرحمه الله و أسكنه فسيح جنانه.

ولعل كل من له مخالطة لكتب أبي عبد الله ابن الأبار القضاعي البلنسي (تـ: 658هـ)، إلا و قد وقف على اسم هذا العَلَم، إذ به انتفع ابن الأبار، و عنه يورد الأخبار، فرحهمهما الله وحشرهما مع الأبرار.

وأما طُرْفتنا، فمن كتاب لأبي الربيع انتقيتها، و عنه سطرتها، وكتابه هو: (نكتة الأمثال و نفثة السحر الحلال)، فقد رص فيه أمثال العرب بحبك بديع، ضم فيه علمي المعاني و البديع، من جناس و طباق و إرداف للتسجيع، مما يزري بوشي الربيع، و هذه تكفي في ذكر فضائله، و إعلاء شمائله، وكذا ما قاله تلميذه الحافظ ابن الأبار –رحمه الله – عندما ترجمه: " .. ، علم الأعلام، و اللعوب في جِده بأطراف الكلام، الذي فاز بالجنة يوم فاد، و أفاد علوم السنة في ما أفاد، .. "، (تحفة القادم ص: 201،ط: دار الغرب، سنة 1986م، جمع و تحقيق: إحسان عباس).

عذرا .. ،فقد سهوت عن المقصود، فقد قال عَلَمنا في كتابه المذكور:

" .. ،ما للإنسان و للنسيان خصوصا لما به أَسِي، فكيف لي ان أنسى ما عُدمت بفقده أنسي. نعوذ بالله من نسيان يصدر عن طغيان وذهول، لا يعرض لخاطر بالسداد مأهول، كالذي أضل حِمارَيْه فخرج يقتص آثارهما، و يتحسس أخبارهما، فعرضت له في طريقه ذات نقاب، كأنه سور ظاهره رحمة و باطنه أشذ عذاب. فجار به خاطر البِغاء، وضل المبتَغِي عن المبتغَى و الابتغاء، و لم يزل يقتفي أثر هذه المتنَقِّبة، و نفسُهُ لعَطْفَتِها عليه مُترقبة. إلى أن اتفق أن سَفَرَتْ له عن مثل أنياب الغُول، فثاب عند ذلك لُبُّ الفارغ المشغول، و آب من سفر الغواية قلبه الجَهول، فتذكر حِماريْه، و عاد يضرب أصْدَريْه، صارخا: واسوأتاه لسفهي و جهلي، و قائلا لصاحبته: ذكرني فوكِ حِماريْ أهلي."

من كتابه (نكتة الأمثال، ص: 27)،ط: دار سعد الدين، سنة 1416هـ، تـ: علي إبراهيم كردي.

هذه طرفة تفكه بها .. ، وادع لناقلها .. ،

سطره: نور الدين بن محمد الحميدي الإدريسي البيضاوي

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير