تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

انقشعت سحائب الظلمات وانكشفت عن قلبه الهموم والأحزان وعمر قلبه بالسرور والأفراح وأقبلتْ إليهِ وُفودُ التّهاني والبشائر من كل جانب، فإنهُ لا حزنَ أبداً معَ الله،

ولهذا قالَ تعالى حِكايةً عن نبيّهِ صلى اللهُ عليهِ وسلّمَ أنّهُ قال لصاحبِهِ أبي بكر (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)]

* ابن قَيّم الجَوزية

** بِحُبّه ..

أوقِن أنّي عَلى مَوعِدٍ لِرُؤيةِ وَجهه الكرِيم فِي جَنّةٍ عَرضُها السّماواتُ والأرض.!

(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) [آل عمران: 31]

فالحَبيبُ لا يُعذب حَبيبَه! بَل كَما غَفَر لَنا وَسَتَرنَا فِي الدّنيا سَيعفُو عَنّا وَيرحَمُنا وَيُكرمُنا بكَرمِه اللامُتنَاهِي بِالسّماء!!

أفلا نشتَاقُ لقِيَامٍ لَيلٍ لِربّ العَالمِين ..

دُموعُ شوقٍ وَحَنين لبَارئ السَماواتِ السبعِ وَالأرضين!

أمطَارُ ذُلّ وَخُشوعٍ فِي مَعاقِل الخُضٌوع وَالسجودِ وَالرّكُوع!!

أحَقًا نَحنُ لله مُحِبّون!

أمْ أننَا نلتَمسُ لأنفُسِنَا أعذاراً زائِفَة الظُنون!

هِي حَملةُ الوّد وَالقُرب وَالحُبّ ..

شِعَارُها وَرِسَالتُها وَدُعاؤُها: [اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربني إلى حبك، اللهم ما رزقتني مما احب فأجعله قوة لي فيما تحب، وما زويت عني مما أحب فأجعله فراغاً لي فيما تحب، اللهم اجعل حبك أحبّ إليّ من أهلي ومالي ومن الماء البارد على الظمأ، اللهم حببني إلى ملائكتك وانبيائك ورسلك وعبادك الصالحين، اللهم اجعلني أحبك بقلبي كله وأرضيك بجهدي كله، اللهم اجعل حبي كله لك، وسعيي كله من مرضاتك]

وَمن لم يكفه حب الله فلا شيء يكفيه، ومن لم يستغن بالله فلا شيء يغنيه.

وهذه عشرِيّة الجَوزية في جَلبِ أسبابِ المَحبّة:

1 - قراءة القرآن بالتدبر لمعانيه وما أريد به: وَكَثرَةُ تِلَاوتِه بِعُمقٍ وَتَفَكّرٍ لَا سِيّما الآيَاتِ المُتَضَمّنَة لأسمَاءِ الله وَصِفَاتِه وَمَحبّةُ ذلِك يَستَوجِبُ بِه العَبدُ مَحَبّة الله وَمَحبّة الله له .. !

2 - التقرب إلى الله تعالى بالنوافل بعد الفرائض كما في الحديث القدسي "ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه" رواه البخاري.

3 - دوام ذكره على كل حال باللسان والقلب والعمل والحال فنصيبه من المحبة على قدر هذا: كثرة ذكر الله تعالى فمن أحب شيئا أكثر من ذكره وبذكر الله تطمئن القلوب، ومن علامة المحبة لله دوام الذكر بالقلب واللسان.

4 - إيثار محابه على محابك عند غلبات الهوى: معاملة الله بالصدق والإخلاص ومخالفة الهوى فإن ذلك سبب لفضل الله على عبده وأن يمنحه محبته.

5 - مطالعة القلب لأسمائه وصفاته ومشاهدتها وتقلبه في رياض هذه المعرفة وميادينها: فَمنِ عَرَف الله أحبّه وَمن أحَبّ الله أطاعَه وَمنْ أطَاع الله أكرمَهُ وَمنْ أكرَمهُ الله أسْكَنهُ فِي جِوارِه فَطُوبَى له! ..

وَالتّفكرِ فِي مَلكوتِ السّموات وَالأرضِ وَما خَلقَ الله مِن شَيء وَفي القُرآن شيءٌ كثيرٌ مِن التّذكيرِ بآياتِ الله الدّالةِ علَى عظَمته وَقدرَتهِ وَجَلاَلِه وَكَمالِه وَكبرِيائِه وَرأفَتِه وَرَحمَته وَبطْشِه وَقهْره وَانتِقامِه إلى غيْر ذَلكَ مِن أسْمائهِ الحُسنَى وَصِفاتِه العُليَا، فَكلمَا قَويتْ مَعرفة العبدِ بالله قويت محبته له ومحبته لطاعته وحصلت له لذة العبادة من الصلاة والذكر وغيرهما على قدر ذلك.

6 - مشاهدة بره وإحسانه ونعمه الظاهرة والباطنة: فَآلَاءُ الله عَلَى عِبَادِه لَا تُعَدُ وَلَا تُحصَى (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا) وَقَد جُبِلَتِ القُلُوبُ عَلَى مَحَبّةِ مَن أحسَن إلَيهَا وَالحبُ علَى النّعم منِ جُملةِ شُكرِ المُنعِم! ..

7 - وهو أعجبها .. انكسار القلب بين يديه.

8 - الخلوة به وقت النزول الإلهي آخر الليل وتلاوة كتابه ثم ختم ذلك بالاستغفار والتوبة.

9 - مجالسة المحبين الصادقين والتقاط أطايب ثمرات كلامهم، ولا تتكلم إلا إذا ترجحت مصلحة الكلام وعلمت أن فيه مزيدا لحالك ومنفعة لغيرك.

10 - مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله عز وجل، فمن هذه الأسباب العشرة وصل المحبون إلى منازل المحبة ودخلوا على الحبيب.

وَكُل رَمَضَان وَأنتُم إلى الله أحبّ .. !

بقلم وريشة:

هـ.?.ـدايـ.?.ـة

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير