تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[فقدناك فقد الأرض للشمس والقمرـ رثاء شيخ المقارئ]

ـ[أبو حاتم يوسف حميتو المالكي]ــــــــ[16 - 09 - 09, 09:16 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

فقدناكَ فقدَ الأرض للشمس والقمَر

شعر د / عبد الهادي حميتو

أنشئت هذه القصيدة في تأبين شيخنا سيدي محمد بن إبراهيم إمام مدرسة "البئر الفائض" سابقا، وشيخ القراءات بهذه الجهة، في منزله ب"تباردة" من بلدة "أزغار" منطقة الصويرة جنوب المغرب عند تقديم العزاء لأبنائه وأسرته، بتاريخ: الأحد 18 شعبان 1430 ه / موافق 09 غشت 2009 م.

رحم الله الفقيد العزيز وأسكنه فسيح جناته. < o:p>

أتاكَ من الأنباء ما فيه مزدجر **وما فيه ذكرى للمنيب ومعتبر

وجاءك من أقدار ربك ما قضى فلا تعترض فالأمر يجري لمستقر

وياناعياً أيقظتَ للوعي من وعى وللسعي قبل الفوت من كان في سَدَر

فيوشكَ أنْ تُدعى ويوشك أن تُرى يُعزَّى بك النادي ويبكيك مَن حضر

سبيلٌ على منهاجه سير من مضى ودربٌ إلى غايته منتهى السفر

ولله فينا غاية هو بالغٌ مداها وما تغني التمائم والنُّشَر

إذا بلغ الزرع الحصادَ فقد أنَى وما إن ترى بعد الحصاد سوى الثمَر

وما هو إلا ما سعى وهْو مومنٌ وقرّب خيرَ الزادِ أفضلَ ما ادّخَر

ألا إنَّ موت الصالحين فجيعة وخطبٌ جليلٌ من نوائبنا الكُبَر

* * * * *

أتاك من الأنباء ما فيه مزدجَر برُزْء دهى هزَّ الجوانح واهتصر

فزعنا إلى التشكيك فيه فلم يدع مكاناً تفيء النفس فيه إلى وَزَر

بلى قد قضى شيخ المشايخ سيدي محمد إبراهيمَ أستاذُنا الأغر

بلى قد قضى شيخ المشايخ وانتهى إلى ربه إذ كان منه على قدَر

سقى الله قبراً في "تباردة" ضمَّه لكَمْ ضمَّ من علم الكتاب وكمْ طمَر

وكم قد طوى تحت الثرى من معارف تضيق بها الأسفار إنْ حاصر حصر

وكم أحرزت أكنافه من مواهبٍ إلهيةٍ مأثورةٍ سرُّها ظَهَر

به أُقبر الإتقانُ والعلمُ والنُّهى به استُودع الإحسانُ والحلمُ والخفَر

تفَرَّدتَ في معناك في الفضل والحجا بحيث انتهى المضمار وانقطع الأثر

وفي الأدب السامي وفي الخُلُق الذي تسلسل كالشهد المروَّق وانتشر

شمائلُ عَزَّ الجيلَ عدُّ صغارها وما أدركوا إلا المفاريد والغُرَر

وقد كنتَ عند العارفين بقيةً من السلف الماضين يُسقى بها المطر

وفيك مضى الإجماع في البر والتقى وصدَّق فيك الخُبرُ ما حقَّق الخبَر

وقامتْ شهودُ الخلق بالحق ما بها شوائب تستدعي خلافَ الذي اشتهر

ومن ينكر الغيث الذي عمّ خيرُه ومن يحجب الشمس التي ضوءُها غَمر

وهل شهدتْ سعدٌ بغير الذي سرى وسار مسار النور في البدو والحضَر

* * * * *

هنيئا لك البشرى بما كنتَ حِلفَه حياتَك من علم الكتاب الذي زخَر

بذلتَ لهُ العمرَ الطويلَ وصُنتَه عن الزَّيْد والنقصان واللغو والهذَر

لقد كنتَ فيها من ثمانين حِجة جليسَ المثاني شاغلَ السمْع والنظَر

تجردتَ للقرآن تأسو حروفَه وتفحصُها فحص الصياريف للشذَر

فلا شُغُلٌ عنهُ بعينك قد حلا ولا شاغلٌ إلا طريحٌ ومحتَقَر

وكان كتابُ الله منكَ مدجَّجاً بجيشٍ من الطلابِ شاعَ به الخَبَر

جُثيا على الألواح من كلِّ وِجهةٍ عُكوفا عليها في الأصائل والبُكَر

فوطَّدتَ للقرآن مجداً مُؤثَّلا وطار لك الذكْرُ الذي صِيتُهُ بهَر

عرفناك فيها منذ ستين ما وَنَتْ ولا اختلفتْ منك الخلائقُ والصوَر

مُكّباً على التنزيل دهرَك لا تُرى بغير الذي يعنيكَ تُشغَلُ أو تُسَر

فورشٌ وقالونٌ وبزٍّ وقُنبلٌ ودورٍ وسوسٍ والمجاميعُ والطُّرر

رياضٌ بها في طُول يومك تجتلي وتقطف من جناتها يانعَ الزَّهَر

إذا خيَّمَ الليل البهيمُ ابتدرتَه بمصباحكَ الزيتيِّ قد أَلِف السهَر

تطوفُ على الطلاب تزجرُ تارةً وتهتف طوراً بالمقيمين في الحُجَر

فيجتمعُ الحشد الحفيلُ كأنما همُ النحلُ في الأجباح والطيرُ في الشجر

وتصدح طورا بالأراجيز منشداً رقائقَ أشعارٍ بحمد الذي فَطر

ولو كان يُستغنى عن النوم لم تزل مدى العُمْر موصول القيام إلى السحَر

وكنتَ حفِيّاً بالغريب محبَّباً إلى الخلق، لا زهوٌ هناكَ ولا بطَر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير