تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بَذولاً لمعروف شكُوراً لمثلِه غِيَاثاً لملهوفٍ مُقيلا لمن عَثر

إلى أن دهاكَ السنُّ والداءُ وانتحتْ عليك صروف الدهر بالعجز والضرَر

فلما قضى الرحمن فيك قضاءَه وحُمَّ مرادُ الله فيكَ بما قدَر

تغيَّرتِ الدنيا وأوحشَ حسنُها وأمسى جهادُ الأمس ذكرى من الذِّكَر

فياشيخنا الغالي فقدناكَ في الحمى فقامتْ حروفُ الذكرِ تنعيك في الأثَر

تذكِّرُ بالعهد العهيد وأهلِه وما كان فيه من جهادٍ ومن سمَر

وتنشُدُ في تلك الرسوم معاهدا تَقادم فيها دارسُ الرَّبْع واندثَر

وقدْ قُوِّضَتْ منها الخيامُ وغادر الندامى فلا شِربٌ هنالكَ محتَضَر

وصارت مغاني الأمس تنعي قطينَها وغابت معاني الأُنس في ذلك القَتَر

وأصبح "بير الفيض" من بعد مجده أحاديثَ أسمارٍ وذكرى مَن اعتبَر

تغَوَّرَ ماءُ العينِ بعدَكَ واغتدتْ يَباباً فلا عينٌ هُناكَ ولا أثَر

"مدارس آياتٍ خلتْ من تلاوة ومنزلُ وحي من حُلى الوحي قد قفر"

"كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا أنيسٌ ولم يسمُر بمكةَ مَن سمَر"

وغاب عن التنزيل حامي حُماتِه وأستاذُه الحاني عليه من الغيَر

فكمْ قارئٍ مِن ثمَّ قدْ شَدَّ رَحلَه وقد غربتْ شمسُ المقارئ في الحُفَر

وكمْ طالبٍ قد حنَّ مِن بُعدِ أرضِه فقيل: تعَزَّ الآنَ قدْ فاتَكَ الوَطَر

فهيهات هيهات العقيق ومن به وهيهات من في لحده حلَّ واستَقَر

لنا الله ياشيخَ المشايخ والحمى قد انطمَسَتْ أعلامُه واستوى البشَر

وأعوزنا من كان صاحب أمرنا إذا عنَّ إشكالٌ وجيء لمؤتَمَر

لنا الله بعدَ اليوم في جَبْر كسرنا فليس سوى الرحمن يجبُر ما انكسَر

مضى شيخُنا واستأثر الله بالذي حباه فما أغنى من القَدَر الحذَر

ولو تنطق الجدران جاشتْ جنوبها وحدّثَ عن مأْساتنا التربُ والحجَر

فياراحلاً لبّى مناديَ ربِّه وكُلُّ امرئ ساعٍ إليه فمنتَظَر

وياقارئاً قد طبّق الأرض شُهرةً وكان بهذا الأفق أقرأ مَن خطَر

فقدناَكَ فقدَ العين للنور في الدجى فقدناكَ فقدَ الأرض للشمس والقمَر

ولو أنَّ ما قد حُمَّ يُفدى بحيلة فديناكَ بالأرواح والسمْع والبصَر

لقد جلَّ فيكَ الرُزْءُ حتى كأننا وُتِرْنا بكَ الأنجالَ والمالَ والنفَر

وفيكَ يجِلّ الأجرُ إذْ عظُم الأسى وعنكَ يجِلُّ الصبرُ لو هانَ مُصطَبَر

وما قدرُ ما تذرو عليكَ عيونُنا سينزِفُ دمعُ العين والحزنُ ما فتَر

وما فضلُ مَن يرثيكَ منا وقد بكتْ وناحتْ على فقدانكَ الآيُ والسوَر

سيندبكَ المحرابُ والخمسُ ترتعي مواقيتَها والحزبُ والسنَنُ الغُرَر

وتندبُكَ الألواحُ والقلمُ الذي به عمرُكَ الزاكي تصرّم وانحسر

ويبكي عليكَ الشاطبي ورهطُه وحرزُ الأماني والعقيلةُ والدرر

ومن حزنِه البَريُّ يُخرسُه الأسى ومن دمعه الحُصْريُّ يصبح في حَصَر

وفي مَوردِ الظمآن منك مآتمٌ تعالت فلا وِردٌ إليه ولا صَدر

وما حاجة الفخار للفخر إذ قضى وأُدرج في أكفانه من به افتَخَر

لقد كنت قبل اليوم فيمن نعُدُّهُ إذا ذكرَ القُراء للسبْع والعشَر

إلى أن فُجعنا قبل شهر بطاهرٍ وها أنت بعدَ الشهر تلحق بالأثَر

وقد كانَ أهلُ السبع والعشر أمةً فأمسوا وسيف الموت فيهم قد استحر

وما في الحمى مَن يُرتجى كابن ثابتٍ وعثمانَ والصديقِ للأمْر أو عُمَر

تفانوا فلله الشكاية وحدَه فقد نزل المحذور واستفحل الخطَر

كذا يُقبض العلمُ الشريفُ بقبض مَن مِن العلماء الراسخين به مهَر

ويَنْتَثِرُ العقدُ الفريدُ فلا ترى سوى العجز والتقصير عن نظم ما انتثر

* * * * *

فياشيخي الغالي وشيخ بني الحمى وهم كنجوم الليل في كل محتَضَر

لقد كنتُ قبل اليوم آتيكَ زائرا إذا ما زمان القيظ بالقيظ قد قهَر

فأنزل في ظل وريف وبهجة وفي كنفٍ ضاف من الجود والحبَر

وشوقي إلى ذاكَ المُحيَّا يهزُّني "كما انتفض العصفور بَلَّلَهُ المطر"

وكمْ زوْرةٍ في "آزغار" وعودةٍ أُؤَمِّلُ من إدمانها الفَوْزَ والظفَر

وأغدو على سوق "الكريمات" عَلَّني أُجدِّدُ منكَ العهدَ أو أملأُ النظر

وما امتلأتْ عينايَ منك مهابةً ولكنَّ قلبي بالمشاعر قد عمَر

وكمْ مرةٍ شرَّفتني بزيارة فكانت لأهل البيت أعظم مفتَخَر

تركتَ بها في البيت أُنساً وغبطةً وسراً كريماً من كراماتكَ الأُخر

فزادت معانيكم لدينا جلالة وأَمْرَعَ ذاكَ الروضُ من ذلك النَّهَر

وجسَّدَها تسجيلُ صوتٍ وصورةٍ فأظْهر من تلكَ المحاسن ما استَتَر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير