تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن الغد، كررتُ نفس ما فعلتهُ بالأمس، فشربتُ من القارورة الصغيرة قبل دخولي البيت، لتأتي زوجتي لتصب على رأسي كلامها المعتاد، وأنا مُطبقٌ شفتيَّ حرصًا على بقاء العلاج في فمي!!

وزوجتي تُكثر من التوقف والتطلع إليَّ مستغربةً من حالي .. قبل أن تصمت لحظاتٍ لتقول لي:

ــ هل تريدُ أن أضع لك طعامًا؟!

====

(وبعد خمسة أيام):

سلمتُ على الشيخ قبل أن أجلس بجواره وأنا أسأله:

ــ يا شيخ .. ماذا حوَتِ القارورة التي أعطيتني؟!

تبسم الشيخُ في وجهي وهو يقول:

ــ أخبرني أولاً يا بني، هل نجح العلاج؟!

قلتُ وأنا أهزُّ رأسي للأسفل:

ــ هذا ما حدث بحمد الله .. لقد عادت زوجتي ــ منذ يومين ــ كما كانت ليلة العرس!!

أخبرني يا شيخ .. ماذا وضعت في القارورة؟

لقد سميتها بـ (قارورة الحلول)!

ضحك الشيخ ضحكةً قصيرة قبل أن يقول:

ــ يا بني .. لقد سكبتُ لك في تلك القارورة ماءً فقط .. ماءً من (الكوز) بداخل البيت!

قفز حاجباي إلى أعلى جبيني، وأنا أقول مُتعجبًا:

ــ ماء؟ مجرد ماء؟؟ ألم تضع في قارورتك علاجًا أو ..

ثم ازدردتُ لُعابي قبل أن أردف:

ــ ماء .. كيف شُفيت زوجتي إذن؟!

تبسم الشيخ مجددًا وقال لي:

ــ يا بني .. إن مشكلتك كانت تتمثل في أمرين:

الأول: أنك كنتَ تصل إلى بيتك متعبًا بعد عملك طوال النهار .. تطلب الراحة والسكون، دون استعدادٍ لأي جهدٍ داخل المنزل ..

والثاني: أن زوجتك كانت تعاني من الوحدةِ، ومن الصمت والمللِّ طوال النهار وحدها ..

وكانت تحاولُ أن تتحدث معك كلما وصلتَ إلى البيت، غير أنها في الغالب لا تجد موضوعًا لتبدأ به الحديث، سوى اللوم على أي أمر، وكان السيئ في الأمر أنك لا تتحملُ تساؤلها ولومها ورغبتها في الحديث، فكنتَ حينما ترد عليها تقسو في الرد، ولا تتجاوز عن أي خطأ لها في مخاطبتك، بل ولعلك أحيانًا تتجاوز المقبول بما يُفضي إلى ما جعلك تفكرُ بطلاق زوجتك ..

وقد كان ينبغي عليك يا بني، أن تنصتَ لزوجتك، وأن تدع لها المجال لتقول لك ما يجيشُ بصدرها، وأن تصمتَ لتمنحها الفرصة لذلك ..

لذا كان العلاج الذي منحتك إياه في القارورة، مجرد ماءٍ من الكوز .. لكي تُغلق فمك فلا تردَ عليها وأنت متعبٌ منزعجٌ مُستاء .. فأنا لم أرغب إلا أن أجعلك تتعلم الصمت لتمنح زوجتك الفرصة لتحكي، فإن فعلتَ ذلك، فستكون قد منحتها الفرصة لأن تُفرغ لك ما في قلبها، لتراك قد أسديتها معروفًا بالاستماع لها دون مقاطعة، وهو الأمرُ الذي لم تعهده النساءُ ممن تحادثهن عادةً، من مثيلاتهن النساء!

وحينها سوف يثبتُ في قلبها أنك ما فعلت ذلك إلا حبًا لها .. ولسوف تحرص على رد ذلك المعروف بأن تمتنع عن قولِ أي أمرٍ يسببُ إزعاجك وتضايقك .. وأن تمتنع عن أي فعلٍ يؤدي لذلك بالتالي!

لقد قلتُ لك يا بني .. أن علاج زوجتك ينبغي أن يكون منك أنت .. وأظن أنك الآن قد أيقنت بصحة كلامي!

إن علاج زوجتك يا بني .. هو في (إكسير الزوجية) .. فن الإستماع!!

ـ[أبو اليقظان العربي]ــــــــ[17 - 09 - 09, 05:08 م]ـ

رائع

جزاكم الله خير

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير