مقدساتنا في القدس والمناطق التي احتلت في عام 1948 م تدنس بكل قبح واستهتار، وما يطلق عليها آثار اليهود في مصر يُعمل على ترميمها وإدراجها ضمن قائمة الأماكن السياحية – السياحة الدينية – لتكون مزاراً لمن؟! لليهود من العالم أجمع! فالآلة العسكرية اليهودية بالتنسيق مع المؤسسات المعنية في تهويد وتغيير معالم القدس وما حولها، وتغير المسميات لتصبح يهودية لإحداث التغيرات الواقعية على الأرض والمقدسات تمارس كل أنواع التهويد، فلم يترك حجراً ولا شجراً ولا زاوية إلا ادعوا أنها يهودية!!
ومع تغيير مسميات المناطق والطرق والمباني اتبعوا سياسة تغيير المصطلحات والتاريخ حتى وصلت الحرب على مصطلح " النكبة " لتغييب ذاكرة المسلمين في فلسطين، فعمدوا إلى شطب ذلك المصطلح ليس فقط من القاموس السياسي الفلسطيني والإسلامي، وإنما كذلك من قرارات ومواثيق الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية!!
فمنذ احتلال اليهود لأرض فلسطين في عام 1948 م، لم ينقطع مسلسل الاعتداءات على مقدسات المسلمين، فتم تدمير أكثر من 1200 مسجد، الذي بقي منها في مناطق الـ"48" - التي كانت قائمة قبل الاحتلال- حوالي 100 مسجد إلى الآن، وتلك المساجد لم تسلم من أناس عرفوا عبر التاريخ بسوء الخلق والكذب والافتراء والتحريف الذي اتخذوه وسيلة للكسب؛ حيث قامت المؤسسات الرسمية اليهودية بتحويل بعض المساجد إلى كُنُسٍ يهودية: كمسجد العفولة، ومسجد طيرة الكرمل، ومسجد أبو العون، وبعضها الآخر حُوِّل إلى خمارة كمسجد بيسار، وناد ليلي كمسجد السكسك في منطقة يافا، ومسجد عسقلان ما زال يستعمل كمطعم ومتحف وغيرها الكثير الكثير.
وتقوم المؤسسة الصهيونية ببيع بعض المساجد في مسجدي الشعرة الشريفة والست سكينة في صفد شمال فلسطين تحولا إلى كنيس لليهود، وسمي مسجد الست سكينة ب "كنيس راحيل" ومسجد أبو هريرة في واد حنين قضاء الرملة (وسط) إلى كنيس باسم "الراف غمليئيل"؛ ولم تسلم المقابر فقد حولوا مقبرة عبد النبي في يافا إلى فندق "هيلتون تل أبيب"، ومقبرة سلمي في يافا إلى شقق سكنية ومقبرة العفولة إلى موقف سيارات، والآن يعملون على بناء متحف ومبنى للمحاكم في مقبرة مأمن الله في مدينة القدس"!!
لماذا المطالبة بحفظ الآثار اليهودية الآن؟
في الآونة الأخيرة ارتفع عدد اليهود الذين رفعوا قضايا للحصول على تعويضات إلى نحو3500 قضية تبلغ قيمتها نحو 5 مليارات دولار، ويقف وراءهم الاتحاد الأوروبي وأمريكا التي أرسلت في فترة سابقة وفدا من لجنة الحريات الدينية الأمريكية التقى أعضاء الطائفة في القاهرة والإسكندرية، وأثار الوفد ملف أملاك اليهود في مصر؛ والجدير بالذكر أن الملفات التي يثيرها اليهود والضجة حول هذا الملف يتضمن توصيات تقول إن لليهود أملاك في مصر والتي يزعمون أنهم تركوها عقب حروب 1948 و1956!
وقد صعد الكيان اليهودي عبر مؤسساته العلمية والتراثية نشاطه في عقد المؤتمرات والندوات وتقديم الدراسات لتوثيق ما يزعمون أنها أملاك اليهود في العديد من الدول العربية، ومصر على وجه الخصوص، والعمل على إيجاد قاعدة بيانات خاصة بها.
ولعل هذا النشاط الآن يهدف إلى إسقاط المطالبة بحقوق الفلسطينيين المغتصبة من أرض وممتلكات وحق العودة وغيرها، وجعل حقوقا أخرى يطالب فيها، تتقزم أمامها المطالب العربية والفلسطينية ... منها حقوق اليهود في العالم العربي، ومن ثم الوصول إلى إلغاء المطالبة بحقوق الفلسطينيين وممتلكاتهم التي اغتصبوها في العقود الستة الأخيرة.
من المفارقة الغريبة أن اليهود يتحدثون عن أملاكهم في مصر والمنطقة العربية وتساندهم جماعات ضغط غربية وأمريكية وإعلام ويطالبون بأموالهم ويقدرونها بعشرات المليارات!!! والعزاء لحقوقنا في فلسطين وأملاكنا ووقفياتنا ومقدساتنا ... والمؤكد من سير الأحداث أن ورقة أملاك اليهود في الوطن العربي ستكون ضمن أحد أهم الأوراق للكيان الصهيوني في المفاوضات المقبلة لعملية السلام المقترحة؟!
فتاريخ الابتزاز اليهودي معروف، وهو لعبة أتقنها اليهود جيدا، وجنوا من خلالها مكاسب عدة، ماليا وسياسيا، إلا أنهم هذه المرة يريدون تحقيق أهداف أكثر فاعلية يثبتون من خلالها بأن الفلسطينيين ليسوا وحدهم أصحاب حق العودة، بل اليهود أيضا، ومن ثم فإن الحل الأخير هو تخلي العرب عن حقوقهم، مقابل الحقوق التي تخلى اليهود عنها وهي ممتلكاتهم، وأن الفلسطينيين ليسوا فقط هم الضحية ولكن اليهود أيضاً، فهل يستطيعون إقناع العالم بهذا وسط المغالطات؟
ما سبق يؤكد عدم اكتفاء الصهاينة باغتصاب فلسطين ومحاولات تهويد القدس وتصفية قضية فلسطين بشكل نهائي، بل يتجاوزون ذلك إلى محاولات لتزوير تاريخ المنطقة والعبث به، وإيجاد مبررات لزرع أنفسهم في أي مكان فيها، كالمطالبة بإقامة متحف يهودي في القاهرة بدعوى أن الآثار اليهودية في مصر كثيرة، على رغم تأكيد علماء الآثار انه ليس لليهود في مصر آثار تستدعي وجود مثل هذا المتحف المستقل ... ولا شك إن مثل هذه المطالبات تأتي في إطار مخططات اليهود ولهاثهم وراء مزاعم وأكاذيب لا أساس لها، لإيجاد موطئ قدم لهم بيننا.
http://www.essacom.com/Article.aspx?ArtID=43
¥