ـ[أبو المظفر السِّنَّاري]ــــــــ[25 - 09 - 09, 09:10 م]ـ
نشاطها في الدعوة إلى الله والرسول
وفي خضمَّ تلك المسؤليَّات العظام التي نِيْطَتْ بِعُنقها: تراها لم تتأخَّر عن ركْبِ الدعوة إلى الله ورسوله في كل مكان ترحل إليه، وتُقبل عليه.
فلما كان زوجها طريدًا شريدًا في عدة بلدان إلى أن استقرَّ مقامه في ألمانيا، وهناك أصيب بالشلل وغيره من أنماط البلاء، لم تطب للزوجة الصالحة نفسها عن أن تعيش بعيدة عن زوجها، وهو هناك وحيد لا أهل ولا مال! يعاني الآلام ويشاهد الأهوال!
فلم تلبث حتى سلكتْ شتى السبل للالتحاق به هناك، وقد أتمَّ الله لها ما أرادت، فغادرت الديار الشامية حتى هبطت البلاد الألمانية.
ولم تكن تدري أنها تسافر إلى أرض مصرعها! وتنزل في تلك الديار التي سوف تجري دمائها على صفحتها!
وهناك في مدينة (آخن) الألمانية قامت بنان لترفع لواء الإسلام في تلك الديار الكافرة، فأنشأتْ – بمساعدة أهل الخير - المركز الإسلامي النسائي للمسلمات، ... وظلت دائبة على نشر الإسلام من هذا المركز، حتى اهتدى على يديها جمعٌ غفير من النساء؛ وارتفعت راية التوحيد حتى كادت أن تلمس السماء.
وكانت قبل ذلك تكتب المقالات الإسلامية وتنشرها في الصحف والجرائد.
وعن تلك المقالات: يقول الأستاذ محمد خير رمضان يوسف في ترجمة تلك المرأة المجاهدة: (ولها كلمات ومقالات ورسائل ومواقف نادرة تنبئ عن بطولة وشجاعة عجيبة، تذكرنا بمواقف بطولات النساء المجاهدات في تاريخنا الإسلامي ..
ومن مقالاتها في الدوريات مقالة: «دور المرأة في الهجرة»، في مجلة المستقبل الإسلامي العدد 190، 1418هـ - 1997م.
وصدر لها كتاب بعنوان: «دور المرأة المسلمة». طُبع مرتين في ألمانيا، في الدار الإسلامية للإعلام، عام 1413هـ. وفي آخر الكتاب قصيدة في رثائها .... ).
قلتُ: ولها أيضًا من التصانيف:
1 - رسالة: «كلمات صغيرة»
وهذه الرسالة لا أستطيع أن آتي على آخرها إلا وأرى دموعي تنسكب على خديَّ مدرارًا! لعظيم حرارة كلماتها، وصدق شعور كاتبتها، وظهور الإخلاص بين حروفها! ولعلي أنقل منها شيئًا في ختام هذا المقال إن شاء الله.
2 - رسالة: «قبسات»
وهي رسالة بديعة كلها حكم ومواعظ وآداب.
3 - رسالة: «من أدعية القرآن الكريم»
بتقديم ابنتها الفاضلة هادية عصام العطار.
وتلك الرسائل الثلاث مطبوعة: موجودة كلها على الشبكة.
قصة مقتلها التي تُذِيبُ القلوب
تابع البقية ....
ـ[أبو المظفر السِّنَّاري]ــــــــ[25 - 09 - 09, 09:17 م]ـ
قصة مقتلها التي تُذِيبُ القلوب
كانت تلك المرأة تلهج دائمًا بطلب الشهادة من الله.
فكانت تقول في بعض مناجاتها لربها:
«في سبيلك وحدك وحدك جاهدنا وعملنا
في سبيلك وحدك وحدك أُخْرجنا وشُرِّدنا
في سبيلك وحدك وحدك عُودِينا وحُورِبْنا
في سبيلك وحدك عشنا
وفي سبيلك وحدك نعيش
وفي سبيلك وحدك نرجو أن تكتب لنا الشهادة يا ألله»
وكأن الله قد استجاب لها دعائها.
فبعد رحلة طويلة من العناء والسفر ومغادرة الأوطان، والتشريد في البلدان الأجنبية، طيلة سبعة عشر عامًا من الأحزان والآلام، ومعاناة الغربة و تجرُّع الأحزان والأسقام، استقرَّ المقام بالمجاهدة بنان وزوجها في مدينة (آخن) الألمانية، بعد أن مَنَعتْه السلطات السورية من دخول أراضيها!
وهناك كان قد صدرتْ الأوامر الظالمة الجائرة – من قِبَل المخابرات السورية - بتصفية جسد المجاهد الصابر عصام العطار!
فخرج ثلاثة من المجرمين الآثمين يقتفون أَثَره في أرجاء مدينة: (آخن) الألمانية، وجعلوا يبحثون عنه في كل مكان!
وكانت السلطات الألمانية قد جاءتها الأخبار بأن هناك جماعة من المُسَلَّحين يتربَّصون للسيد عصام ويريدون إراقة دمه بأي وسيلة!
فأسرعتْ تلك السلطات بتنبيه السيد عصام إلى هذا المكر الذي يكاد يحيق به وهو لا يدري! فكانتْ تأمره بالترحال والتنقُّل عبَرَ البلدان الألمانية في كل وقت! حتى لا تلحقه تلك الأيادي الباطشة التي لا تجد لذتها إلا في إزهاق أرواح الأبرياء!
يقول السيد عصام العطار: (عندما فُرِضَ عليَّ فَرْضاً مِنْ سُلُطاتٍ ألمانية ألاّ أستقرَّ في مكان، فهناك -كما قالوا- قَتَلةٌ مُسَلَّحون يقتفون أثري، ويريدون قتلي، فيجب أن يتغيّر عنواني وسَكَني باستمرار ..
قلت لهم:
دعوني أُقْتَل فأنا لا أخافُ القتلَ، ولا أرهبُ الموت، ولا أُحَمِّلُكُم ولا أُحَمِّلُ أحداً غيري مسؤولية ما يصيبني!
قالوا:
إنّ وجودك في مكانٍ دائم يُهَدِّدُ حياةَ غيرك من السُّكّان وينشُرُ القلقَ والفزع في الشارع الذي تسكن فيه، ويصنع كذا وكذا وكذا من الأخطار والأضرار، فلا بدّ لك -كما طلبنا - من تغيير عنوانك وسكنك باستمرار!
وجمعتُ أوراقاً مهمةً لي، أثيرةً عندي، ومن أهمّها رسائل أم أيمن القديمة والحديثة، ووضعتُها مع المصحف الشريف في حقيبة خاصّة، وأسلمت نفسي لقضاء الله وقدره.
سَنَةٌ ونصفُ السنة، لا يكادُ يستقرُّ جنبي في بلد أو سَكَن حتى يُقالَ لي: إرحلْ فقد عُرِفَ مكانك! إرحلْ .. إرحلْ .. إرحلْ
وفي هذا الرحيل المتواصل في الصيف وفي الشتاء، وفي الربيع والخريف، بين مدنٍ وقُرىً، وفنادقَ ومنازلَ منقطعة عن العمران، يباعد بعضَها عن بعضٍ أحياناً مئاتُ الكيلومترات، وأنا مُتعَبٌ مُرْهَقٌ مَريضٌ مَريض ... ).
قلت: وكان السيد عصام في هذه الأوقات يترك زوجته: (بنان) وحيدة في بيتها! غريبة في غير أوطانها! يتألَّم قلبها في لحظة! وينزف كبدها في كل ساعة! وهي لا تفتأ أبدًا عن قراءة كتاب الله، والاستغاثة به في كشف تلك النكبات التي أُصِيبتْ بها وزوجها.
وكان السيد عصام يتفقد أخبارها حسبما تيسَّر له ذلك عن طريق المراسلة ونحوها.
لكنه لم يكن يخطر على باله وبال مؤمن: أن هؤلاء المجرمين الذين يتعقبونه إذا لم يعثروا عليه في بيت زوجته، فإنهم سوف يشفون غيظهم بتصْفية جسد زوجته بنان! تلك المرأة الضعيفة الوحيدة دون أن يكون لها ناصر سوى رب العالمين وحده.
وحدث ما لم يكن في حُسْبان أحد إلا حُسْبان الشيطان!
تابع البقية ...
¥