وبعد أن فرغ هذا القاتل الأجير من إنفاذ طلقات مسدسه في جسد ضحيته المغْتَرِبة الوحيدة، وشاهدها وهي تسقط أمامه والدماء تفور منها كما يفور ماء القِدْرِ إذا أوْقَدتَّ عليه النار!
لم يكْفِه ما اقترفتْه يداه مما لا تغسله مياه الأنهار! فقام يطَأُ ويدوس على قتيلة الإسلام بقدميه شديدًا! كأنه يظن نفسه يطأُ كلَّ جسد باع نفسه لله! وبذل مُهْجته ابتغاء مرضات الإله.
وما زال هذا القاتل الأثيم يطأ جسد القتيلة المظلومة حتى فاضت روحها الطاهرة إلى بارئها تشتكي له ظلم عباده لها ولزوجها! وتُخْبره – وهو أعلم – بقصة آلامها وأحزانها.
وأقول أنا أبو المظفر السِّنَّاري كاتب هذه المقالة: والله لستُ أجد عندي الآن، من المعاني والبيان، ما أستطيع أن أصِف به ما يسكن في قلبي على تلك المرأة من المآسي والأشجان!
ووالله ما أكاد أدري كيف أتكلَّم؟ ومتى كان لسانُ قلمي يُفْصحُ عن مكنون صدري وما لأجْله أتوجَّعُ وأتألَّم!
لقد كان مقتل تلك المجاهدة في نفس العام الذي كان فيه ميلادي!
فانظروا كيف أن الأحزان لا تزال تلاحقُني منذ مبْدأي ومعادي؟
بَكَتْ عيني وحُقَّ لها بُكاها ... وما يُغْني البكاءُ ولا العويلُ؟
ولو قيل لي الآن: ماذا تشْتهي؟ لقلتُ مِنْ فَوْري: أشْتَهي - لو كنتُ في مدينة (آخن) الألمانية - أنْ آتي مقبرة «هُلْس» وأبحث عن قبر تلك المرأة الشريفة كي أدعو الله لها، وأقوم على جَدَثِها باسْتذكار صبرها وجهادها، ثم أقف على رأسها أبْكي حتى تَبلَّ دموعي ما انتهتْ إليه من جسدي، وأجد حرارتها ما بين قلبي وصدري.
ليتتي كنت مع هؤلاء القوم الذين حملوا جنازتها على أعناقهم في يوم مشهود في قلب مدينة (آخن) الألمانية.
http://www.way2jannah.com/vb/attachment.php?attachmentid=692&stc=1&d=1252769700
لقد كان نبأ مقتلها عظيم الوقْع على المؤمنين في تلك الأوقات، وقد سارتْ به الصحف السيَّارة، وتناقلتْه الوكالات والمجلات والجرائد.
حتى قام الشيخ عبد الحميد كشك المصري – وقد كان واعظ الدنيا في عصره – بإلقاء خطبة حزينة على آلالاف الناس، يذكر فيها خبر تلك المرأة المجاهدة التي اغتالتْها أيادي الغدر والظلم والعدوان.
وعلى هذا الرابط: تجد طرفًا من خطبة الشيخ كشك، يرحمه الله.
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=4902
ولقد وقع الوجوم والاكتئاب على وجوه صالحي العباد في تلك الأيام، وحزنوا وبكوا على القتيلة المظلومة كأنها كانت بعض أقاربهم أو مَنْ يعرفون؟
وإذا كانت أشجاني وأشجان غيري على تلك المرأة التي لم يروها! ولم يعاشروها! فضلا عن أن تكون لهم بها صلة الأرحام! هي بعض ما ذكرتُ لك!
فيا تُرى: كيف كان حال أبيها عليها؟ وهي التي كانت ريحانة حياته، وزهرة أوقاته، ونسمات إحساسه ومعانيه، وشمس أيامه وقمر لياليه؟
تابع البقية ...
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[26 - 09 - 09, 12:31 ص]ـ
وأقول أنا أبو المظفر السِّنَّاري كاتب هذه المقالة: والله لستُ أجد عندي الآن، من المعاني والبيان، ما أستطيع أن أصِف به ما يسكن في قلبي على تلك المرأة من المآسي والأشجان!
ووالله ما أكاد أدري كيف أتكلَّم؟ ومتى كان لسانُ قلمي يُفْصحُ عن مكنون صدري وما لأجْله أتوجَّعُ وأتألَّم!
لقد كان مقتل تلك المجاهدة في نفس العام الذي كان فيه ميلادي!
فانظروا كيف أن الأحزان لا تزال تلاحقُني منذ مبْدأي ومعادي؟
بَكَتْ عيني وحُقَّ لها بُكاها ... وما يُغْني البكاءُ ولا العويلُ؟
ولو قيل لي الآن: ماذا تشْتهي؟ لقلتُ مِنْ فَوْري: أشْتَهي - لو كنتُ في مدينة (آخن) الألمانية - أنْ آتي مقبرة «هُلْس» وأبحث عن قبر تلك المرأة الشريفة كي أدعو الله لها، وأقوم على جَدَثِها باسْتذكار صبرها وجهادها، ثم أقف على رأسها أبْكي حتى تَبلَّ دموعي ما انتهتْ إليه من جسدي، وأجد حرارتها ما بين قلبي وصدري.
نسال المولى الكريم ان يطيب ثراها وريفع منزلتها في العليين وان يغفر ويعفو ان انه عفو كريم
بارك الله فيك اخي نفع الله بك
ـ[أبو المظفر السِّنَّاري]ــــــــ[26 - 09 - 09, 07:25 م]ـ
لعلي أنقل لكم الآن كلام أبيها وهو يقص نبأ مقتله بمقتلها، ويحكي خبر مصرعه بمصرعها!
قال في كتابه (ذكريات علي الطنطاوي):
¥