تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[آداب المساجد ((دروس وخطب متنوعة))]

ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[26 - 09 - 09, 05:40 م]ـ

الخطبة الأولى

أمّا بعد: فيا أيّها المسلمون، اتَّقوا الله فإنَّ تقواه أفضلُ مكتسَب وطاعتَه أعلى نَسَبٍ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 102].

أيّها المسلِمون، المساجِدُ بيوتُ الله، بُنِيت جُدُرها ورفِعَت قواعدها على اسمه وحدَه لا شريك له، يُعبَد فيها ويوحَّد، ويعظم فيها ويمجَّد، ويركَعُ له فيها ويُسجَد، وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن: 18].

أذِنَ الله برَفعِها وعِمارتها، وأمَرَ ببنائها وصِيانَتِها، فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ [النور: 36]. بِناؤها من أعظم القُرَب لمن أخلص لله واحتَسَب، فعَن عثمانَ قال: سمعتُ رسولَ الله يقول: ((مَن بَنَى لله مَسجدًا يَبتغِي به وجهَ الله بَنى الله له بيتًا في الجنة)) متفق عليه.

أمَرَ الشارع بتطهِيرِها وتنظيفِها وتنزيهِهَا وتطيِيبِها، فعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: أمَرَ رسول الله ببناء المساجِدِ في الدور ـ يعني: في القبائل ـ وأن تُنَظَّف وتُطَيَّب. أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه.

هِي أحبُّ البقاع وأطهر الأصقاع، فعن أبي هريرة أنَّ رسولَ الله قال: ((أحَبّ البلاد إلى الله تعالى مساجدُها، وأبغَضُ البلاد إلى الله أسواقُها)) أخرجه مسلم.

ولِعظيمِ فضلها وشريفِ مكانتها شُرِع لقاصدها من الآداب والسنَن والأحكام ما يحسُن التنبيهُ عليه؛ رعاية لحرمتها وتذكيرًا بحقِّها.

أيّها المسلمون، يُستَحَبُّ لقاصِدِ المسجد أن يتجمَّل لصلاتِه بما يستطيع من ثيابِه وطيبِه وسِواكه، قال جل في علاه: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف: 31]، وعن ابنِ عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: ((إذا صلَّى أحدُكم فليبَس ثوبَيه، فإنَّ الله أحقُّ مَن يُتزيَّن له)) أخرجه البيهقي.

ولا يجوز أن يصلِّيَ في ثوبٍ رقيق يَشفّ عنه أو ضيّقٍ يكشف عن عورته أو قصيرٍ ينحسر عن سَوأته، وتحرُم صلاته في ثوبٍ فيه صورة أو ثوبٍ مسبِل، فعن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله يقول: ((من أسبل إزارَه في صلاتِه خُيلاءَ فليس مِنَ الله جلّ ذِكرُه في حلٍّ ولا حَرام)) أخرجه أبو داود.

وعلى المصلِّي اجتنابُ الروائحِ الكريهة في ملبسِه ومأكله، فلا يؤذِي إخوانه المصلين ببخَر فمِه وقَذَر أنفِه وطَفَسِ ريقِه وسهكِ عرقه ونَتَن رائحته، فعن جابر أنَّ رسول الله قال: ((مَن أكَلَ البصلَ والثومَ والكرّات فلا يقربنَّ مسجدنا؛ فإنَّ الملائكة تتأذَّى مما يتأذَّى منه بنو آدم)) أخرجه مسلم، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان الناس ينتابون الجمعةَ من منازلهم ومن العَوالي، فيأتون في العباء، ويصيبهم الغبار، فتخرج منهم الريح، فأتى رسولَ الله إنسانٌ منهم وهو عندي، فقال رسول الله: ((لو أنكم تطهَّرتم ليومِكم هذا)) متفق عليه. فأكرِم بعبدٍ يأتي بيوتَ الله مُتطهِّرًا مُتنظِّفًا، تفوح رائحته طيبًا وقَطرًا وتسطَع أرجًا ونشرا وتتضوّع عُودًا وعَرفا.

ويخرج المسلم إلى المسلم للصلاة بسكينة ووقار، ويقارب خُطاه، ويقول ما وردَ، ولا يشبِّك أصابعَه، وإن سمع الإقامةَ لم يسعَ إليها، فعن أبي هريرَةَ قال: قال رسول الله: ((إذا سمعتمُ الإقامةَ فامشوا إلى الصلاة وعليكم بالسكينة والوقارِ، ولا تسرِعوا، فما أدركتم فصلّوا، وما فاتَكم فأتمّوا)) متفق عليه.

ويستَحَبّ التبكير والتهجير إليها، فعن أبي هريرةَ أن رسولَ الله قال: ((لو يعلَم الناسُ ما في النداءِ والصفِّ الأول ثم لم يجِدوا إلا أن يستهِموا عليه لاستَهَموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتَمَة والصبح لأتوهما ولو حبوًا)) متفق عليه.

ويقدِّم رجلَه اليمنى عند دخولِ المسجد، ويسلِّم على النبيِّ محمَّد، ويقول: اللّهمّ افتح لي أبوابَ رحمتك، وإذا خرَج سلَّم على النبيِّ وقال: اللّهمّ افتح لي أبواب فضلك، أو: اللّهمّ أجِرني من الشيطان الرجيم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير