تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يمشون هوناً؛ أي: لا يسمحون للدنيا أن تستهلكهم، فهم يقتطعون من أوقاتهم وقتاً لمعرفة الله و لطلب العلم وأداء العبادات، فهم يمشون هوناً لأن الدنيا لا تستهلكهم، ولا تستحوذ عليهم، و لا تجعلهم ينسون كلَّ شيء، فإن من تشعَّبت به الهموم لم يبال الله بأي أوديتها هلك، أما من كان همُّه معرفة الله و جعل همه هماً واحداً كفاه الله الهموم كلّها، فاعمل لوجهٍ واحدٍ يكفك الهموم كلها، فإنك عندما تأتي إلى بيت الله لتطلب العلّم و القرب من الله عزَّ وجل فإن الله عز وجل يعاملك معاملةً خاصة عندئذ، فيعاملك بالنصر والتأييد والحفظ والتوفيق، إذاً:

(سورة الجن: آية " 1 ")

وقل أوحي إليَّ أيضاً ...

أي: إن هذا المسجد إنما بُنِي لتعريف الناس بالله و تعريفهم بحقيقة وجودهم، وحقيقة الحياة الدنيا، وحقيقة الكون، فيقرِّبهم إلى الله عزَّ وجل.

فاستخدام هذا المكان للبيع والشراء و قضايا الدنيا و حل مشكلات الناس المادية هو استخفافٌ بهذا البيت المقدس.

معاني كلمة (مسجد):

قال تعالى:

1. المعنى الأول: (وهو أوسع معنى):

إن كلمة مساجد واسعةٌ جداً، فكل مكانٍ سجدت فيه لله عزَّ وجل هو مسجد، فإذا وسعنا كلمة المسجد صار معنى المسجد: كل مكان سجدت لله عزَّ وجل، فالمسجد اسم مكان، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: " أينما كنتم فصلوا، فأينما صليتم فهو مسجد " فبهذا المعنى وجب عليك أن تكون خالصاً لله في كل مكان، و هذا أوسع معنى للآية.

(سورة الجن: آية " 18 ")

أي: ليكن عملك دائماً وأبداً، خالصاً لله عزَّ وجل، قال تعالى:

(سورة الإنسان)

وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر:

" وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ فَلْيُصَلِّ وَأُحِلَّتْ لِيَ الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً "*

(من صحيح البخاري:الرقم " 323 ")

فالمسلم أينما أدركته وقت الصلاة صلَّى، وهذا مما يؤكد أن هذا الدين العظيم بسيط، فأنت لا تحتاج إلى معابد فخمة ولا إلى أبنية شاهقة، ولا إلى كهنوت ولا إلى رجال دين، فأينما وجدت نفسك قد دخلت في وقت الصلاة فصلِّ، فقد قال عليه الصلاة والسلام:

" أينما ما كنتم فصلوا، وأينما صليتم فهو مسجد " وقال: " وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا ".

فأوسع معنى للآية يقول: ليكن عملك خالصاً لله طول حياتك، لأن أي مكان تصلي فيه مسجد، والسجود لله وحده.

2 - المعنى الثاني:

المساجد: جمع مَسْجَد، والمسجد هو الأعضاء التي تسجد بها، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال: " إذا سجد العبد، سجد معه سبعة آراب "، و الآراب: الأعضاء؛ أي: الرأس، والركبتين، واليدين، والقدمين، فهي سبعة، فيصبح معنى الآية: إن الله عز وجل قد كرمك بأعضاء، فلا ينبغي لك أن تسجد بها لغير الله، فهذا الرأس لا ينبغي له أن ينحني لغير الله، و هذه اليد لا ينبغي أن تخضع لغير الله، هذه الرجل ينبغي ألا تسير بها إلى غير ما يرضي الله، لأن هذه الأعضاء التي كرَّمك الله بها هي لله، وأنت لله، فلا يليق بك أن تكون لغير الله، كما لا يليق بك أن تذِل رأسك لغير الله، (ارفع رأسك يا أخي متى موَّت علينا ديننا؟).

3 - المعنى الثالث:

المساجد: مصدر ميمي (مَسْجِد)، على وزن (مَفْعِل)، أي: مكان السجود، فالصلاة هي العبادة الخالصة لله عزَّ وجل، وينبغي أن تكون عباداتك كلها وفي مقدمتها الصلاة خالصةً لله عزَّ وجل، كما ينبغي أن تكون أعضاؤك التي كرَّمك الله بها خاضعة لله وحده في استعمالاتها كلها كعطاء اليدين وتنقُّل الرجلين، فلا تخضع لأحدٍ سواه.

4 - المعنى الرابع:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير