تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نعم من لم يعرف الاختلاف لم يعرف مقدار جهله!! إنك لتظن المسألة واضحة و تنافح عنها حتى يأتيك قول المخالف و ادلته،عندها تدرك قدر جهلك. لا نعني بذلك أن اقوال الرجال وحي منزل و لكن ليعرف كل احد مقامه. و ليتق الله من لا يقبل قول من يخالف إمامه ثم يشنع على الناس تقليد الامام مالك و الشافعي و ابا حنيفة و الامام احمد رحمهم الله: لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم.

فليس قول مجتهد واحد بلازم على كل الامة من دون غيره و لا يلغي الخلاف في المسألة الفقهية قول احد المجتهدين انها ليست بخلافية فالمجتهد مصيب فله اجران او مخطئ فله اجر و حمل الناس على مقولة مجتهد واحد من التعصب المذهبي الذي نبذه السلف و الخلف.

قال ابن عبد البر محدث المغرب رحمه الله: يقال لمن قال بالتقليد: لِمَ قلت به وخالفت السلف في ذلك فإنهم لم يقلدوا؟ فإن قال: قلَّدْتُ لأن كتاب الله عز وجل لا علم لي بتأويله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لمْ أحصها، والذي قلدته قد علم ذلك فقلَّدْتُ من هو أعلم مني، قيل له: أما العلماء إذا اجتمعوا على شيء من تأويل الكتاب أو حكاية سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أو اجتمع رأيهم على شيء فهو الحق لاشك فيه، ولكن قد اختلفوا فيما قلَّدْتَ فيه بعضهم دون بعض وكلهم عالم، ولعل الذي رغبت عن قوله أعلم من الذي ذهبت إلى مذهبه (8).

وقال ابن حزم رحمه الله: (فنحن نسألهم أن يعطونا في الأعصار الثلاثة المحمودة رجلاً واحداً قلَّد عالماً كان قبله فأخذ بقوله كله ولم يخالفه في شيء، فإن وجدوه ء ولن يجدوه والله أبداً لأنه لم يكن قط فيهم ء فلهم متعلَّق على سبيل المسامحة، وإن لم يجدوه فليوقنوا أنهم أحدثوا بدعة في دين الله تعالى لم يسبقهم إليها أحد ء إلى أن قال ء نسأل الله أن يثبتنا عليه ء أي الأمر الأول الذي كان عليه السلف ء وأن لا يعدل بنا عنه، وأن يتوب على من تورط في هذه الكبيرة من إخواننا المسلمين، وأن يفيء بهم إلى منهاج سلفهم الصالح) (9).

و قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (من نصب إماماً فأوجب طاعته مطلقاً اعتقاداً أو حالاً فقد ضل في ذلك ء إلى أن قال ء وكذلك من دعا إلى اتباع إمام من أئمة العلم في كل ما قاله وأمر به ونهى عنه مطلقا) (10).

وقال ابن القيم رحمه الله: (وأما هدي الصحابة رضي الله عنهم فمن المعلوم بالضرورة أنه لم يكن فيهم شخص واحد يقلد رجلاً واحداً في جميع أقواله ويخالف من عداه من الصحابة بحيث لايرد من أقواله شيئاً، ولا يقبل من أقوالهم شيئاً، وهذا من أعظم البدع وأقبح الحوادث) (11)

وقال الشاطبي رحمه الله: (تحكيم الرجال من غير التفات إلى كونهم وسائل للحكم الشرعي المطلوب شرعاً ضلال) (12) ....

ما زلت اتقي قول من يأخد بالدليل الواحد و يدع غيره من الاحاديث الصحيحة فاذا صح الحديث لا يجوز لاحد ان يناقضه بظاهر حديث اخر بل لا بد من توجيه كل الاحاديث و بيان دلالتها.

فنصيحة مني لطلبة العلم عليكم بالتأني و اكثار النظر في كتب السلف و البحث في المسائل حتى تفهموا ققول كل قائل و تجمعوا ادلة المسائل ثم ترجحوا فيكون قولكم في المسألة عن اجتهاد لا عن تقليد اعمى.

نسأل الله الهداية، اللهم صلي و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أفضل تسليم و السلام عليكم


(1) الفاتحة.
(2) عن أبي أمامة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع مائدته قال: " الحمد لله كثيرا طيبا مباركا فيه، غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه، ربنا" صحيح البخاري حديث: 5147
(3) الاعتصام الشاطبي صفحة 312
(4) الحلية ج9 صفحة 110
(5) الفكر السامي في تاريخ الفقه الأسلامي صفحة 290.
(6) الفكر السامي في تاريخ الفقه الأسلامي صفحة 314
(7) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 6386 و قال رواه الطبراني في الأوسط وفي طريق عبد الله بن عمرو مقال
(8) جامع بيان العلم وفضله
(9) الإحكام في أصول الأحكام.
(10) مجموع الفتاوى ج 19 صفحة 69، 70.
(11) إعلام الموقعين ج2 صفحة 446.
(12) الإعتصام الشاطبي.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير