تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولعلَّ آخر مَن أدركناهم ممَّن لا يزال على هذا العهد الشَّيخ أبو الأنوار الهاملي (قيِّم مكتبة زاوية الهامل)، فقد أخبرنا ابنه بأنَّ والده لجأ في العدوان الأخير على (غزَّة) إلى عقد مجالس في قراءة البخاري، ومن محاسن الصُّدف أن صادف أوَّل يوم لقراءته إعلان وقف العدوان.

9) بعض المظاهر الخرافية:

أ) سيدنا الخضر (عليه السَّلام) يروي صحيح البخاري (!)

لعلَّ مِن القضايا التي تسترعي انتباه المتتبِّع لقصَّة هذا الكتاب عندنا بالجزائر اعتقادُ كثير مِن علماء العصور المتأخِّرة بأنَّ الخضر صاحب موسى (عليهما السلام) ما يزال على قيد الحياة، وأنَّه أدرك الإمام البخاري وروى عنه (كتابه الصَّحيح)، رغم أنَّ هذا الإمام هو مِن أشدِّ العلماء إنكاراً على مَن يقول ببقاء الخضر (عليه السلام) على قيد الحياة، وكأنَّ الذي أدرج الخضر ضمن رواة هذا الكتاب أراد إفحام الإمام البخاري وإقناعه بأنَّ رأيه مخطئ، ولا أدلَّ على ذلك مِن رواية الخضر عنه (!)، والشَّيء الذي يثير العجب في هذه القضية أنَّ الخضر (عليه السَّلام) لم يروِ الكتب السِّتة وإنَّما اقتصر فقط على الرِّواية عن الإمام البخاري (!)، فهو طبعا الخصم الذي ينبغي توجيه السِّهام نحو رأيه ومذهبه.

ب) القاضي شمهروش وقصَّته مع الكتاب:

ومِن طريف ما يجده القارئ كذلك مبثوثا في بطون (الأثبات) و (المشيخات) التي كان يتداولها بعض علماء الجزائر في القرون المتأخِّرة، روايتهم عن الجنِّي المشهور بالقاضي أبي محمَّد عبد الرَّحمن شمهروش، وهي شخصية أقلُّ ما يمكن أن يعبَّر عنها بأنَّها أسطورة من نسج الخيال، ودليلٌ على الانحطاط السَّحيق الذي بلغته الأمَّة بل علماؤها في تلك الأزمان، إذ لا يُعقل أن يروي هذا الجنِّي ـ الصَّحابي في زعمهم ـ عن الإمام البخاري مباشرة، ثمَّ لا يورده العلماء في معاجم وطبقات المحدِّثين؟ ثمَّ كيف تسوِّغ لهم عقولهم ظهوره صدفة على مسرح الرِّواية وتحديث بعض العلماء وعقد المجالس معهم؟ ويا فوز مَن أدرك العلوَّ منهم بنيل إجازة منه خاصَّة، بل وصل الأمر عند بعضهم إلى أبعد من ذلك فاحتجَّ على وجوده وألَّف كتبا ورسائل على غرار ما فعله الشَّيخ عبد الحي الكتاني الذي صنَّف كتابين ينتصر فيهما لقضيَّته، الأوَّل سمَّاه: (مواهب الرَّحمن في صحبة القاضي أبي محمَّد عبد الرَّحمن) يعني (شمهروش)، والثّاني تحت عنوان: (المحاسن الفاشية عن الآثار الشَّمهروشية)، ليصل الجهل ببعضهم فيدَّعي حضور جنازة هذا الجنِّي المزعوم المختلق، وهكذا تستحوذ الخرافات على العقول فتصير الأبدان والبلدان لقمة سائغة لكلِّ عدوّ ماكر، ولعلَّ أن يكون انتشار مثل هذه المظاهر الخرافية قد ساهم بقدر كبير في انقطاع الرِّواية بهذا البلد وعزوف النَّاس عن رواية هذا الكتاب، واندراج أسمائهم ضمن سلسلة الإسناد.

10) خير خلف لخير سلف:

من علماء الجزائر الذين بقيت أسماؤهم مخلَّدة ضمن سلسلة الإسناد ونالوا شرف رواية كتاب (صحيح البخاري):

أ) الشيخ محمَّد شارف:

وهو مِن بقايا العلماء الذين حضروا مثل هذه المجالس، فإنَّه وحسب ما أخبرنا به فقد حضر بعض مجالس البخاري التي كان يعقدها الشَّيخ محمود كحول ابن دالي (مفتي العاصمة)، وسألناه مراراً هل له إجازة في روايته فأنكر ذلك، والعجيب أنَّ بعض أهل المشرق يدَّعي أنَّ الشَّيخ أجازه في روايته.

ب) الشَّيخ عبد الرَّحمن الجيلالي:

وهو من جملة علماء الجزائر الذين رَووا (صحيح البخاري) ولهم فيه إجازة، إذ يرويه مباشرة عن شيخه الشَّيخ عبد الحليم ابن سماية (رحمه الله)، وهو الآن متشدِّدٌ إلى الغاية في الإجازة.

ت) الشَّيخ الدُّكتور عبد الرَّحمن طالب:

زرناه السَّنة الماضية بمكتبه بمدينة وهران، وأخبرنا بأنَّه يروي (صحيح البخاري) وغيره من كتب الحديث عن شيخه الشيخ بخالد بن كابو، عن الشيخ بلقاسم بن كابو، عن الشيخ علي بن عبد الرَّحمن (مفتي وهران)، عن الشيخ ابن الحرَّار الجزائري، بسنده إلى البخاري، والدُّكتور طالب الآن في حالة صحِّية يحتاج إلى رعاية.

ج) الشَّيخ محمد بن زين العابدين الكُنتي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير