من علماء الهقار الذين ما زالوا يدرِّسون كتب الحديث رواية ودراية بولاية تمنراست، وهو من ذرية الفاتح العظيم الجليل عقبة بن نافع، وسليل عائلة علمية مشهورة، يروي (البخاري) عن عمِّه عن والده عن حبيب الله بن عبد الله ابن مايابى الشَّنقيطي صاحب كتاب (زاد المسلم)، وله أسانيد أخرى في رواية (البخاري).
11) رأيٌ في الإجازة:
من الطرق والأساليب التي كان يعتمدها العلماء في رواية كتب الحديث خاصَّة، طريقة الإجازة، وهي أن يقول عالمٌ له رواية في كتاب لطالب متأهِّل يريد أن يندرج اسمه ضمن سلسلة الإسناد، يقول له: أجزتك أن ترويَ عنِّي هذا الكتاب بسندي إلى صاحبه (أي: مؤلِّفه)، وهي طريقة انتشر بها (صحيح البخاري) بين أفراد مجتمعنا، وذاع صيته، غير أنَّ أفضل وسيلة وأنجع طريقة لروايته هي أن يسمعه الطالب جميعا وفي مجالس متعدِّدة عن شيخه.
12) رأي الشَّيخ الإبراهيمي في ذلك:
ولعلَّ مِن أشدِّ النَّاقمين على هذه الطريقة (أي: الإجازة) في عصرنا الحديث هو الشَّيخ محمَّد البشير الإبراهيمي (رحمه الله) الذي يرى بأنَّ انتشار مثل هذه الأساليب ينشر في الأمَّة فنَّ التكاسل والتثاؤب والتَّعالم، ويذهب برونق العلم وبهائه، ويساعد على اختلاط الدَّخيل بالأصيل، وهو رأيٌ سديد، ولو أدرك الشَّيخ عصرنا هذا وسمع بأنَّ الإجازة تعطى وتؤخذ عبر الأنترنت لشدَّد أكثر وأكثر.
13) ما هكذا يا سعد ..... :
شيء جميل أن يفكِّر بعض المسؤولين في إعادة إحياء قراءة هذا الكتاب العظيم بمساجد الجزائر، وعملٌ بارٌّ أن تَصدر تعليمات إلى الأئمَّة في وقت سابق تحثُّهم على ذلك، ولكن لو أخذ المسئولون هذا الأمر بجدِّيَّة أكثر لعملوا على توفير أرضية قانونية، وأخرى علمية، بل قبل ذلك تهيَّئ الأسباب والظروف الخاصَّة لإنجاح مثل هذه المشاريع، أمَّا أن يبقى هذا الأمر هكذا مِن غير هيئة علمية تُشرف عليه وتسهر على تكوين مَن يقوم به ويعمل على ترشيد أهله، فلا ينبغي أن نكذب على أنفسنا ونظهر للنَّاس على شاشة التلفزيون في ليلة القدر من كلِّ سنة (ختمة البخاري) على المباشر، يحظرها كبار المسؤولين في الدَّولة، وهي ربما الوحيدة عبر تراب الوطن، والتي ما يزال يحتفظ بقراءتها شيخٌ جليلٌ طاعنٌ في السِّنِّ الشَّيخ ابن يوسف (حفظه الله).
إنَّ إحياء قراءة (صحيح البخاري) بالمساجد الكبيرة ـ على الأقلّ ـ هو مِن أعظم الإنجازات التي ينبغي أن يفكِّر فيه أهل الرأي والتَّدبير، وإنَّ حضور العامة في مثل هذه المجالس هو أسلوبٌ حضاريٌّ وثَّقافي، زيادة على أنَّه عبادة وسلوك ديني، وفي إحياء مثل هذه المظاهر يتوحَّد النَّاس في الفكر، وتنشر المفاهيم الصَّحيحة للدِّين من مصدر اتَّفق أهل الإسلام قاطبة على أنَّه أصحُّ كتاب بعد كتاب الله تعالى.
الشروق أون لاين
ـ[أحمد بن العبد]ــــــــ[29 - 09 - 09, 07:33 م]ـ
للتسهيل
كيف تعامل الجزائريون مع صحيح البخاري
2009.09.03
عبد الرمان الدويب
للجزائرييِّن مع (صحيح البخاري) تاريخٌ وتقاليد خاصَّة، اندثرت معظم معالمها، وبقيت بعض آثارها لائحة كالأطلال تنتظر مَن يُنعشها ويمدُّها بنفَس جديد تستعيد به الجزائر صفحات تاريخها المجيد، ويتبوَّأ مِن خلالها هذا الكتاب المنزلة التي كان عليها في سالف العصور ...
فقد كانت له منزلته الخاصَّة، وتقاليده التي توارثها العلماء في مجالسهم، وطريقته المميَّزة التي حافظ عليها النَّاس منذ عهد قريب منَّا، ويكفي لبيان منزلة هذا الكتاب عند أهل الجزائر أن بلغ بالدُّكتور أبو القاسم سعد الله فصرَّح في كتابه (تاريخ الجزائر الثَّقافي) بأنَّ هذا الكتاب لكثرة قراءته في مساجد الجزائر كاد أن يضاهي كتاب الله فيها.
من هو البخاري؟
هو الإمام الحافظ أبو عبد الله محمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري، ولد سنة 194هـ ببُخارى، وأخذ الحديث عن أزيد من ألف شيخ، جاب البلدان وطاف الآفاق في سبيل طلب العلم حتى بلغ فيه منزلة شهد له بها العلماء، ونال بها رفعة وتعظيماً، ألَّف مؤلَّفات كثيرة أشهرها كتابه الجامع الصَّحيح، توفي بمدينة سمرقند سنة 256هـ وقبره هناك.
صحيح البخاري:
¥