فالمرأة قد تصبر على الإهانة والإسقاط، وتصبر على البغض والكره، وعلى البعد والترك، وتصبر على التهميش والإقصاء عن مسرح الحياة، وتصبر على الظلم والإهانة، وعلى الضرب والتعذيب، وعلى القسوة والعنف، ولكنها لا تصبر على استغلال أنوثتها والمتاجرة بعفتها، والمساومة على شرفها. < o:p>
فالمرأة يجرحها أن تكون لعبة متداولة، ويدمي قلبها أن تصبح متعة متبادلة، ويقتل كبرياؤها أن يتذوقها الرجل ثم يقدمها لصديقه ليذوق ما تبقى منها.< o:p>
ويذبح حياءها، أن تصير فاكهة المجالس الخاصة، وفاتحة وخاتمة الأمنيات والرغبات، والأهواء والشهوات.< o:p>
وإني أهيب برجال قومي، وحماة عرضي، وعقلاء بلدي، وشرفاء أهلي، وحملة ديني، وأمناء أمتي، وقضاة بلدي، وولاة أمري، أن ينقذوا ما يمكن إنقاذه، وأن يدلوا بدلوهم، ويسهموا بسهمهم، في تدارك الأمر قبل استفحاله، وعلاج داء سرى وباءه، واستئصال ورم عظم خطره وظهر أثره، حتى لا تهون المصيبة، وتنتشر الرذيلة، وتستمرأ الفاحشة، وتصغر الخطيئة، وتسمى بغير اسمها، وتمحى الفضيلة فلا يبقى إلا رسمها، ويقتل الحياء فلا يذكر إلا حلماً، وتفقد الأنوثة فلا نجني إلا شوكاً، وتموت الغيرة فلا يلد إلا ديوثاً.< o:p>
ويصادر الزواج فلا يذكر إلا سراً، ولا يمدح إلا رمزاً، ولا يروج إلا مسياراً، ولا يشترط فيه إلا إسقاطاً للحقوق، وتنازلاً عن الواجبات.< o:p>
* قصة واقعية ونموذج حي، ومأساة حقيقية:< o:p>
مسلمة أوروبية فرت من بلدها وهاجرت من موطنها إلى هذه البلدة المقدسة، لتحمي عرضها، وتحفظ شرفها، وتتعلم دينها، وتطبق أوامر ربها.< o:p>
تزوجت رجلاً عربياً وجاء بها إلى هذه البلدة لعمل له، وأنجب منها بنتاً، صعب عيشها عنده وضاق أمرها معه، فطلقت غير مختارة، وعاشت بعده في حاجة وفقر وغربة وكربة، فطمع فيها رجل عربي آخر فأسمعها معسول الكلام،وأطرب أذنها بآيات وأحاديث عظام، فوقع في نفسها أثراً ومن حالها مكاناً، فهي امرأة ضعيفة لا ولي لها يحميها ولا قريب يأويها، فوافقت مضطرة وسلمت إليه أمرها لعل لديه نجاتها وخلاصها، وقد حضر عقدها بعض بني بلدها شهوداً، ولم يلبث أن استمتع بها أياماً ثلاثة، ثم فر هارباً إلى زوجه الثائرة وتركها في الشارع بدون كرامة، فبكت بحرقة وأحست بلوعة،وجرحت كرامتها، واستغلت أنوثتها، فعادت أختنا تلملم جراحها وتكتم آهاتها، وتحمل أحزانها، قتلت فرحتها، وخطفت سعادتها، فطعنت في مقتل وذبحت في الصميم.< o:p>
لم تلبث أختنا يسيراً حتى عرض عليها رجل خليجي موسر، معروف مذكور، من علية القوم، يشار إليه بالبنان، ويشرف من انتسب إليه، فخطبها على عجلة من أمرها، وعقد عليها سراً، وشهد عليه اثنان من خلص أصدقائه، وطلبت منه أن يعلن أمرها رسمياً، وأن يكفلها، فتعذر وتلكأ وسّوف وقدم وأخر، حتى شرب من كأس متعتها حتى الثمالى، وأكل وشبع من لحم جسدها حتى الشبع، ثم لفظها لقمة ساخنة، وخالعها لحاجة في نفس يعقوب قضاها (لأنها هي الرابعة، والرابعة غير ثابتة)، ومتعها بحثالة من النقود ليسكت فاهها، ويجبر كسر قلبها.< o:p>
وفي نفس لحظة طلاقها بل قبل أن يلفظ بها، يتقدم لها صديقه المخلص، فيمهد لها أمر طلاقها، ويعرّّض لها بنفسه، فأغمد في قلبها سيفا قاتلاً، وترك في نفسها جرحاً بليغاً، مع أن هذا الصديق كان رجل محسناً وموسراً مليئاً، وقد أكرمها من قبل فأسكنها مجاناً ثم زوجها بصديقه فوراً، ثم هاهو يعرض عليها بضاعة مزجاة، ونهاية متوقعة، ومأساة متحققة لا محالة.< o:p>
رفضت المسكينة هذا العرض المغري، انتقاماً لكرامتها، وإنقاذاً لحيائها الذي ذبح بسكين الأصدقاء، وهروباً من حياة نهايتها قريبة، وثمنها غالياً، وآثرت الفقر والحاجة على السعي وراء تجارة كاسدة، وربح خاسر. < o:p>
¥