تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(خُلق الإنصاف) خطبة من روائع الشيخ سعود الشريم

ـ[عبدالله العلاف]ــــــــ[03 - 10 - 09, 02:51 م]ـ

< CENTER>« خطبة الجمعة 13 شوال 1430هـ - خُلق الإنصاف» الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا .. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102 سورة آل عمران)، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (1 سورة النساء)، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (70 - 71 سورة الأحزاب).

أما بعد .. فياأيها الناس: في خضم الثورة المعرفية والاكتساح الحضاري وموج المصالح المادية والتطلعات الذاتية بعضها في بعض تسود المنافسة المحمومة والسباق اللاهث وراء الظفر ليغلب على طابع المنافسة والسباق الجانب الشخصي والمصلحي العائد للذات على حساب بعض المعايير المهمة والسجايا السامية؛ فيطغى الغضب على الحِلْم والسخط على الرضا والأثرة على الإيثار ومصلحة الذات على المصالح الشرعية؛ فيذوب بسبب ذلكم كله ويتوه في مهام طيشها سمةٌ جلَّى وسجيةٌ هداف .. ما فُقِدت في مجتمعٍ ما إلا صار منهومًا منزوع البركة، وما وُجِدَت في مجتمعٍ ما إلا ورأيت صور الرضا والطمأنينة والتكامل والاشتراك بين أفراده على حدٍّ سواء .. أتدرون ما هي عباد الله؟ أتدرون ما هي هذه السجية؟

إنها سجية الإنصاف .. نعم الإنصاف بكل ما تعنيه الكلمة من معنى .. نعم - أيها الإخوة - الإنصاف الغائب في الفرد والإنصاف الغائب في الأسرة .. الإنصاف الغائب في المدرسة والإنصاف الغائب في العمل .. الإنصاف الغائب في الصحيفة ومنابر التلقي، بل الإنصاف الغائب في المجتمعات إلا من رحم ربي ..

الإنصاف عباد الله كلمة تعني العدل والإحسان لا الظلم والاعتداء، وتعني اتباع الشرع لا اتباع الهوى، وتعني العلم لا الجهل، وتعني الوسط بين المنحرفين والثبات بين المتفلتين والأصالة بين المضطربين .. المنهج في الإنصاف هو كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - والقدوة فيه هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته من بعده وسلف الأمة من العلماء الصادقين الناصحين.

والإنصاف في الشريعة الإسلامية قيمةٌ مطلقة ليست نسبيةً كما هي الحال في مناهج البشر وقوانينهم؛ فهي كلٌّ لا يتجزأ .. فإما إنصافٌ أو حيف وإما رجلٌ منصفٌ أو رجلٌ جائر؛ فلا يمكن أن يكون المرء منصفًا جائرًا في نفسٍ واحدة؛ إذ كيف يكون منصفًا وأبكم عن الحق في آنٍ واحد: وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (76 سورة النحل).

أيها الناس: بالإنصاف يشعر الفرد والأسرة والمجتمع بالأمان والرضا والقناعة؛ إذ لا أضر عليهم في حياتهم ومعاشهم وشئونهم كلها من الظلم والجور .. واتباع الهوى بالإنصاف يوثق بالعالِم ويطمئن إلى القاضي ويؤخذ من الصحفي ويركن إلى المسئول، ولا يعد أحد من هؤلاء منصفًا إذا كان لسان حاله يقول:

يومٌ يمانيٌّ إذا لقيت ذا يمن ... وإنْ لقِيت معديا فعَدْنان

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير