تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقد دخل البحرين عام 1890م، ومنذ عام 1894م قدمت له الكنيسة الإصلاحية الأمريكية دعمها الكامل. وأبرز مظاهر عمل البعثة التي أسسها زويمر كان في حقل التطبيب في منطقة الخليج، وتبعا لذلك فقد افتتحت مستوصفات لها في البحرين والكويت ومسقط وعمان، وقد أسس زويمر معهدا باسمه في أمريكا لأبحاث تنصير المسلمين، بوصفه من أكبر أعمدة التنصير في العصر الحديث.

خلف صموئيل زويمر على رئاسة مجلة العالم الإسلامي تلميذه كنيث كراج:، الذي قام بالتدريس في الجامعة الأمريكية بالقاهرة فترة من الوقت، وهو رئيس قسم اللاهوت المسيحي في هارتفيفورد بأمريكا، وهو معهد للمبشرين، ومن كتبه (دعوة المئذنة) صدر عام 1956م.

ومنذ اختارت قيادة حركة التبشير مدينة البحرين عام 1893مركزا للتنصير في الخليج والبلاد العربية كلها، أقام بها القس زويمر بضعة وعشرين عاما يتنقل من خلالها في مختلف العواصم الإسلامية. إن الأستاذ مبارك الخاطر يشير إلى أن هذه المنطقة كانت متقدمة تقدما فكريا واضحا، وكانت ذات صلة بالنهضة الإسلامية التي قادها جمال الدين و محمد عبده و رشيد رضا، وكان لها مشاركة في المنار و الصحافة الإسلامية، منذ ذلك الوقت البعيد.

و قد واجه القاضي المجاهد الشيخ قاسم بن مهزع هذه الحملة التبشيرية، وقاومها مقاومة واضحة و كشف مخططها. فقد كانت البحرين بين بلاد الخليج العربي المشمولة بالحماية البريطانية منذ 1820 و كانت عبر تاريخها في تجارة اللؤلؤ مهبط الأغراب من جنسيات مختلفة، ووصلتها طلائع التبشير البروتستانتي، و بها الإيراني و الهندي و الأفريقي و الأوروبي، ومن ثم أصبحت مكانا مناسبا لاتخاذها قاعدة للتبشير البروتستانتي في الخليج وعمان.

و قد كانت مدينة المنامة هي مركز الإرسالية في البحرين و كان العمل التبشيري في جزر البحرين والإحساء و عمان يدار من مركز المنامة.

وقد واجه البحرينيون حركات التنصير بمقاطعتها وتوعية العامة عن طريق العلماء و التجار بأغراض المبشرين مما أغلق الطريق أمامهم، ولذلك فإن زويمر قد واجه نفورا شديدا من قبل من لقيه وحاول التحدث إليه، وكان زويمر يقول للشباب: إنه جاء في بلادهم ضيفا عليهم و إذا لم يقبلوه فهو ضيف الله ولكنهم كانوا يقولون له: لست بضيفنا و لا ضيف الله: أنت ضيف الشيطان. وظل هؤلاء الفتية يذكرونه حتى حين زارهم بعد في جامعة عليكرة سنة1911 فلما دخل عليهم قالوا له: أهلا بضيف إبليس فقال لهم: إلى الآن لم تنسوها.

و لم يقف أمر زويمر عند الخليج بل جرب حظه في مصر و اقتحم الأزهر الشريف ووزع منشورا عنوانه (لماذا لا نرجع إلى القبلة?القديمة)، وكشف أن التبشير كان ولا يزال في خدمة الصهيونية. و قد فشلت هذه الجهود? بحمد الله ولم تحقق أي ثمرات حقيقية.

وقد شهد زويمر على نفسه بالفشل حين قال في مؤتمر القدس عام 1932 إن أمله قد خاب في تنصير العالم الإسلامي قاطبة في مدة 25 عاما، و قال: إننا لا نستطيع إدخال المسلمين في حظيرة المسيحية فهم لا يفضلون ترك الإسلام إلى غيره إلا أننا قد نستطيع إخراجهم من الإسلام فقط بتشكيكهم فيه بوصفه نظاما.

وقد ركز زويمر جهوده في عقد المؤتمرات التنصيرية التي كان يختار لها أماكن حساسة مثل القدس والقاهرة، ولعل تقريره الذي أصدره عام 1927 كان خلاصة تجاربه في ميدان التنصير، بعد أن عرف أن التنصير المباشر صعب، ويسبب مشكلات عديدة، وقد انتهى إلى ما يأتي:

- إن هدم الإسلام في نفوس المسلمين له أهمية كبرى في شيء واحد هو مثول الفكر الغربي بوصفه صديقا دوليا، وأن ما يجب عمله للقضاء على الإسلام هو بعث القوميات في البلاد الإسلامية.

- إن الغرض من التبشير قتل الإسلام لاستعباد المسلمين.إن الغاية التي نرمي إليها هي إخراج المسلم من الإسلام فقط ليكون إما ملحدا أو مضطربا في دينه، وعندها لا يكون مسلما، أي لا يكون له عقيدة بدين.

- يجب أن يكون تبشير المسلمين بوساطة رسول من بين صفوفهم لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها!

[راجع للمفكر الإسلامي الراحل: أنور الجندي؛ كتبه التالية، وفيها تفصيل مستفيض: الشبهات والأخطاء الشائعة في الفكر الإسلامي، وكتاب معالم التاريخ الإسلامي المعاصر من خلال ثلاثمائة وثيقة سياسية ظهرت خلال القرن الرابع عشر الهجري، وأهداف التغريب في العالم الإسلامي، والإسلام في وجه التغريب.

*الاستاذ بجامعة طنطا

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير