تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أريد أن أوضح أمرا في غاية الأهمية وفي ذات الوقت يغيب عن ذهن الكثيرين وهو أنه منذ أن بعثت إذاعة الزيتونة ومنذ أن بدأت العمل فيها عملت على ألا تكون حصصي استنساخا لبرامج إذاعية وتلفزية أخرى وألا تكون موجهة للدكاترة والمثقفين بقدر ما تخاطب المنسيين الذين أقصد بهم طبعا النساء الكبار اللاتي لا يفهمن اللغة الخشبية التي يتحدث بها الدعاة "المثقفون" وكذلك الشباب، فجلساتي اليومية وأوقات فراغي أقضيها مع الفئات العمرية بين 80 و90 سنة من جهة و18 و25 سنة في الجهة المقابلة، هؤلاء أستلهم من أحاديثهم الكثير وأعرف كيف يفكرون وبالتالي أفهم كيف علي أن أخاطبهم لأؤثر فيمن ينتمون إلى شريحتهم العمرية .. لا أنكر أنني أستمد من الشيوخ والعجائز تجربتهم في الحياة فهم يطلعونني على أمور لم يسبق لي أن عرفتها أما الشباب فبفضلهم تعلمت كيف أستعمل الحاسوب والهاتف الجوال وبواسطتهم أيضا فهمت أي نوع من الخطاب يحبّذون وبأية لغة يتحدثون وبالتالي أدركت أنني لو تحدثت إليهم في حصصي بلغة ثلثها عربية فصحى فسينفضون من حولي كما تنفض قطعان الأغنام إن هي رأت الذئب مقبلا ...

ما لا يعرفه الذين ينتقدون أسلوبي أنني أمضي وقتا كثيرا وأنا أفكر في الطريقة التي يمكن بها ومن خلالها زرع حب الله وحب نبيه في قلوب الشباب باستعمال لغة تجعلهم مقبلين لا مدبرين ... أعترف بأنني لم أصل إلى غايتي بل أقول أنني حققت 10 بالمائة مما أنشده. في ذات الوقت أسمع خطاب الآخر المحتكم إلى التشدّد وأحاول ما استطعت البحث عن حجج تكذّبه وتفنّده .. أعود لأقلب في مراجع علماء الأندلس المشهود لهم بالوسطية والاعتدال والتنوير الفكري وأتابع أفلام القنوات على غرار "الأم بي سي 2" وأناقشها خلال الدروس التي أقدمها في المسجد وأذكر أنني في إحدى المرات أردت أن أشرح للشباب كيفية غسل الميت فجئتهم بدمية "باربي" وقطعة قماش وقدمت لهم درسا في الموضوع كما أطالع صفحات القضايا والجرائم بالصحف وأستلهم منها قضية تكون محور درس توعوي واعظ.

أنا حقا أعاني من النخبة التي تدّعي الثقافة ولكنني في المقابل متسلّح بالحجج والبراهين التي تثبت زيف ما يدّعون.

يكبر البعض في الشيخ مشفر في خطابه الديني وسطيته واعتداله وتيسيره فيما يذهب البعض إلى القول أن في تجدّده تغييرا للثوابت ... أي رد على ما يدّعون؟

لم أغيّر أية ثابتة والقرآن العظيم والسنة ثابتان إلى قيام الساعة لكن تفسير الآيات وتفسير الحديث هي متغيّرات تمثل رأي الأشخاص في قضية ما، فتفسير القرآن للفخر الرازي مختلف اختلافا كبيرا عمّا جنح إليه ابن عطية مثلا .. هناك اجتهادات في التفسير لكن دون المساس بالثوابت وضوابط ما أطلق عليه اسم الأصول وكذلك الفروع ... لم نغيّر حكما من الأحكام ولم نقل أن القرآن أو الحديث مخصوص بفترة معيّنة بل نقول دائما أن القرآن والسنة صالحان لكل زمان ومكان إذا فهم ذلك المسلمون.

لا للغة الخشبية

تعتمد في خطابك أسلوب التجديد وأنت أكثر من ماهر في عدم إملال المستمعين لكن هذا الأسلوب يرى البعض أنه يأتي أحيانا على حساب المضمون ودلالة الألفاظ؟

نحن لا نعتمد لغة عربية قحّة بل دارجة نستمدّها من اللهجة التونسية الصميمة بكل مفرداتها البسيطة ولكنها أيضا ذات دلالة بليغة والخروج عن صميم الموضوع أحيانا مفتعل لئلا يملّ - كما ذكرت- السامع والشعب التونسي ميّال بطبعه إلى الحكايات وبالتالي يصبح أمر تمرير المعلومة عن طريق الحكاية أجدى من الأمر والنهي ... وبالطبع كل أسلوب حديث لا بدّ أن يخلّف جدلا واختلافا في الرؤى.

هل التحديث في الخطاب الديني يستوجب الاحتكام إلى ألفاظ لا تتماشى وآداب تناول سيرة الرسول وآل بيته ... هل يحتمل الخطاب الديني الإشارة إلى والد النبي (صلى الله عليه وسلّم) بالـ"بوغوس" وإلى السيدة خديجة (رضي الله عنها) بـ"المرا الغولة"؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير