تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

"قال ابن جُرَيْجٍ: أخبرني عَطَاءٌ، إِذْ مَنَعَ بن هِشَامٍ النِّسَاءَ الطَّوَافَ مع الرِّجَالِ. قال: كَيْفَ يَمْنَعُهُنَّ، وقد طَافَ نِسَاءُ النبي صلى الله عليه وسلم مع الرِّجَالِ. قلت أَبَعْدَ الْحِجَابِ، أو قَبْلُ؟ قال إِي لَعَمْرِي، لقد أَدْرَكْتُهُ بَعْدَ الْحِجَابِ. قلت: كَيْفَ يُخَالِطْنَ الرِّجَالَ؟ قال: لم يَكُنَّ يُخَالِطْنَ، كانت عَائِشَةُ رضي الله عنها تَطُوفُ حَجْرَةً من الرِّجَالِ لَا تُخَالِطُهُمْ. فقالت امْرَأَةٌ انْطَلِقِي نَسْتَلِمْ يا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، قالت: عَنْكِ، وَأَبَتْ. وكن يَخْرُجْنَ مُتَنَكِّرَاتٍ بِاللَّيْلِ، فَيَطُفْنَ مع الرِّجَالِ، وَلَكِنَّهُنَّ كُنَّ إذا دَخَلْنَ الْبَيْتَ قُمْنَ حتى يَدْخُلْنَ، وَأُخْرِجَ الرِّجَالُ.

ثم أورد أيضًا حديثَ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: شَكَوْتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أَنِّي أَشْتَكِي. فقال: طُوفِي من وَرَاءِ الناس , وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ. فَطُفْتُ وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حِينَئِذٍ يُصَلِّي إلى جَنْبِ الْبَيْتِ وهو يَقْرَأُ وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ".

والحديثان واضحان:

أما الأول: فيدل على أن النساء كنّ يطفن مع الرجال في وقت واحد، لكن كنَّ يطفن غير مخالطات للرجال، في دائرة أبعد عن الكعبة. ومعنى حَجرة: أي معتزلة في ناحية.

وأما الثاني فقد دل على أمر النبي صلى الله عليه وسلم زوجه أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها بذلك، حيث قال لها: "طُوفِي من وَرَاءِ الناس".

وهذا ما فهمه شُراحُ صحيح الإمام البخاري، كعلي بن خلف الشهير بابن بطال المالكي المذهب في شرح صحيح البخاري (4/ 298 - 300)، وابن حجر الشافعي المذهب في شرحه فتح الباري (3/ 480 - 482 رقم1618 - 1619)، وبدر الدين العيني الحنفي المذهب في شرحه عمدة القاري (9/ 260 - 162).

وقد جاء في أخبار مكة للفاكهي (1/ 252): عن فقيه الكوفة الأكبر في زمن التابعين إبراهيم النخعي (ت96هـ)،وهو شيخُ شيخِ الإمام أبي حنيفة، أنه قال: "نهى عمر رضي الله عنه أن يطوف الرجال مع النساء".

وهذا تطبيقٌ عملي للسنة النبوية في طواف النساء، كان إبراهيم النخعي ينسبه إلى الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

وبذلك يتبيّن أن طواف النساء مع الرجال حول الكعبة المشرفة لم يكن كهيئته اليوم، ليحتجّ به ذلك المحتج على ما أراد. بل ننتهي بأنه حجةٌ على عدم جواز الاختلاط، حتى في ذلك المكان الطاهر المقدس، وحتى في ذلك الجيل الطاهر المفضَّل، جيل الصحابة رضي الله عنهم، وفي حضرة أفضل الخلق وحبيب الحق صلى الله عليه وسلم، وأثناء أداء عبادة من أشرف العبادات، تُغيِّبُ الشعورَ بالفتنة في استحضار جلال البيت وجلال ربّ البيت عز وجل) انتهى

2ـ و أمَّا ما ورد في مدافعة الاختلاط في الطرق العامَّة:

فقد قال ابو داود: حدثنا عبد الله بن مسلمة ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=15020) حدثنا عبد العزيز يعني ابن محمد ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16379) عن أبي اليمان عن شداد بن أبي عمرو بن حماس عن أبيه عن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري عن أبيه ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=45) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق عليكن بحافات الطريق فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=55&ID=9142#docu)

قال الشيخ محمد شمس الحق العظيم آبادي رحمه الله:

(وهو خارج أي: النبي صلى الله عليه وسلم أنتحققن بسكون الحاء المهملة وضم القاف الأولى قال في النهاية هو أن يركبن حقها وهو وسطها يقال سقط على حاق القفاوحقه، انتهى وقال الطيبي: "أي ابعدن عن الطريق وفاء فاختلط مسبب عن محذوف أي يقول كيت وكيت فاختلطوا فقال للنساء" انتهى

والمعنى أن ليس لهن أن يذهبن في وسط الطريق بحافات جمع حافة وهي الناحية ثوبها أي المرأة من لصوقها أي المرأة به بالجداروالحديث سكت عنه المنذري) انتهى.

قال الامام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ـ في رسالة الحجاب ـ:

(إن المرأة إذا رأت نفسها مساوية للرجل في كشف الوجه والتجول سافرة لم يحصل منها حياء ولا خجل من مزاحمة، وفي ذلك فتنة كبيرة وفساد عريض. وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلّم، ذات يوم من المسجد وقد اختلط النساء مع الرجال في الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلّم:

(استأخرن فإنه ليس لكن أن تحتضن الطريق. عليكن بحافات الطريق»

ـ قلت: أخرجه أبو داوود في أبواب السلام باب في مشي النساء مع الرجال في الطريق 5272، و الحديث حسَّنه ابن حجر، و قد سكت عنه ابوداود [وقد قال ابوداود في رسالته لأهل مكة كل ما سكتُّ عنه فهو صالح]) ـ.

فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق به من لصوقها. ذكره ابن كثير عند تفسير قوله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَرِهِنَّ}.) انتهى.

2ـ و أمَّا النوع الثاني من المخالطة فهو ما يمكن الاحتراز منه:

فهذا الباب قد جاءت الشريعة الاسلامية بإقفاله قطعاً، و النصوص في ذلك متواترة متوافرة،و لا يشك فيه إلاَّ جاهل أو مكابر،و هذا من الشريعة أشهر من أن يُذكر و أظهر من أن يُنكر، بل جاء الفصل بين الجنسين حتى بين الاطفال في المضاجع ـ إذا كان احدهم لعشر سنين ـ كما هو معلوم لكل أحد، و سيأتي الحديث عن هذا النوع قريبا ان شاء الله، و الله اعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير