تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[إذا ولد العلم ميتا احتفل المفتي بعيد ميلاده]

ـ[محمد رشيد]ــــــــ[31 - 10 - 09, 10:09 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وبعد ..

فإنه ليس من عادتي تناول جزئيات من الأمور لا تفيد كثيرا في دعوتي إلى دين الإسلام كمنهج عام يحكم الحياة الإنسانية بالتكليف كما يحكم سائر العوالم بالتكييف؛ فإن الانشغال بالجزئيات في غير سياقاتها ومجاريها العامة التي تعمل داخلها هو من اللغو الذي يتنزه المؤمن عنه، ولا سيما لو كان داعية .. فمال الشباب يجلس يتكلم وينتقد في جزئيات الاحوال .. هذه متبرجة، وهذا يلبس سلسلة في عنقه، وهذا يشرب البانجو، وهذا يشاهد أفلاما جنسية .. إن الانتقاد للجزئيات فضلا عن كونه انشغالا بمل لا يقدم ولا يؤخر، فهو لا يليق بمسلم عرف الإسلام وطبيعته الوقورة الجدية المنزهة عن اللغو الانتقادي الذي نرى أوقات الشباب الملتزم مشحونة به! .. ومن هذا اللغو الانشغال بهفوات المفتين والشيوخ الموظفين لدى الدولة في كل كبيرة وصغيرة تخرج منهم وهي تطفح بنفاقهم للجهات التي ولتهم تلك المناصب، فنرى مجالس الشباب منشغلة بالحوقلة والتأسف ومصمصة الشفاه حول ذلك، وهو ـ في نظري ـ من مداخل الشيطان على هؤلاء الشباب؛ حيث أهلك لهم أوقاتهم الثمينة في عمليات تفريغ الشحنات العاطفية وتنفيس الكبت من خلال تلك اللومات .. وإنما كان واجبهم أن يكفوا عن اللغو وأن يتحركوا للدعوة وللإصلاح ولتغيير واقع حياتهم بدلا من أن يتعايشون معه راضين بعد أن نفسوا عن كبتهم.

من ذلك المنطلق فإني من خلال هذه الرسالة لا أتناول شخص مفتي مصر الدكتور/ علي محمد جمعة لشخصه أو حتى بصفته مفتيا؛ بل أتناوله بصفته حالة صارخة صارحة على ما تعاني منه الأمة الإسلامية في عصرنا من تأثرها في مجالاتها العلمية بسلوك منبوذ في طلب العلوم الشرعية؛ حين يتحول العلم إلى غاية، والحصول على تلك الغاية إنما هو بالتحصيل الذهني المجرد، فنتج عن ذلك العلم الميت شخص يحتفل بميلاده في نوادي الروتاري ويغني له الرقيع الوضيع المخنث سمير صبري، وتحضر في حفل (عيد ميلاده!) الراقصة المصرية الشهيرة التي والله وجدتني مستحيا أن أكتب اسمها في الرسالة .. فإلى أي شيء أوصله العلم هذا المفتي؟

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين". فهل هذا الفقه في الدين هو الذي ناله وحصّله فضيلة المفتي علي محمد جمعة ـ صاحب الحالة التي ندرسها ـ؟ هل أراد الله تعالى بفضيلة المفتي خيرا حينما يؤول به علمه أن (يحتفل) بعيد ميلاده في (نادي ليونز) الروتاري الشهير!! ويغني له الرقيع المذكور اسمه آنفا (هابي بيرث داي تو يو مفتي)!!

لن أقول هنا: حسبي الله ونعم الوكيل في هذا المفتي الذي أساء إلى الدين وإلى أهل العلم، فإن العقلاء يدركون جيدا أن هذه الشخصيات هي غير محسوبة على حركة الدعوة في هذا الزمان .. وإنما ـ كما سبق وأوضحت ـ إنما أتناول الصورة التي معنا كدراسة حالة لقضية العلم التي تبرز مشكلتها في هذا العصر ..

إننا نلمس وعايشنا في عهدنا هذا تحول العلم إلى غاية مستقلة وظل الدعاة ـ في سبيل إيجاد وتحقيق الكوادر العلمية ـ يبجلون ويضخمون قضية العلم والدراسة التخصصية، وأنا كذلك أبجلها وأضخمها، ولكن الإشكالية أن الدعاة في هذا الباب لم يراعوا ما كان يستفحل في الجانب الآخر، وهو (الفصل) الذي كان يقع بين العلم وبين الكيان الذي يعيش فيه هذاالعلم ويخدمه.

إن الذي يجب أن نتفق عليه هو أن العلم (وسيلة) فهذه طبيعته، حيث يمكن أن يؤول الأمر فيه إلى خير أو يؤول إلى شر، وهذا يقتضي أن يكون وسيلة تستعمل للخير أو للشر، أما لو كان غاية في ذاته فهو لا يؤول لغير الخير وهذا خلاف الواقع المشاهد والواقع الشرعي على السواء، فالعلم ـ كبيانات ومحصّلات ـ هو في ذاته وقود، ونفس الإنسان هي التي تستهلك هذاالوقود، فإما تقود المرء إلى جنة أو تقوده إلى نار ـ نسأل الله السلامة ـ وربما يتحول العلم الشرعي، كما هو واضح فاضح في زماننا، إلى ممارسة هواية! فالعلم الذي كان منطلقه التقوى ورغبة رضاالرحمن والفوز بدرجات الجنان، صار الآن يبتغى ليشار للمرء بالبنان ويقال هو أقيس وأدق من فلان وعلان، وهي مكنونات قلبية تدل عليها القرائن والظواهر البادية .. ومن أقوى تلك القرآئن (الهيام) في الصومعة المختارة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير