تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كيف ترى أن الكلام في العقيدة يفرق الناس؟ (لا تستغرب من سؤالي)

وما هي أفضل طريقة برأيك في طرح العقيدة على الناس؟

أرجو أن يكون كلامك مفصلا أكثر بارك الله فيك.

ـ[محمد رشيد]ــــــــ[05 - 11 - 09, 09:41 ص]ـ

لا شك كلامك صحيح، ولكن أبشر، فهو وجه واحد من وجهي الصحة؛ فحينما تتسع قاعدة الإشكال لتتحول إلى (كلية) فإنها: تصعب من وجه: وهو اتساع فروع المشكلة

وتسهل من وجه: وهو أن الكلية تصير شيئا واحدا ومشكلة واحدة، والنفس البشرية إلى الانتقال من كلية هم يرونها فاسدة هي أكثر قناعة وتقبلا من أن تقوم بالتعديل في أمور لا تتوافق مع قواعدها. .

أي أن صعوبة الدعوة قد تكمن في اتساع رقعة الفساد .. في العقيدة .. وفي العلم .. وفي كل مناحي الحياة ..

لكن هذا يجعل الأمر سهلا .. لأن الداعية هنا لن يتجه إلى تغيير جزئيات عند الناس، وإنما لما كانت الأصول والمفاهيم والمعتقدات التي تقوم عليها حياة الناس كذلك فاسدة فإن الداعية يتوجه إلى تغيير هذه القواعد والأصول ذاتها .. وهذا أيسر وأكثر قبولا عند الناس إذ أنه أكثر منطقية .. لأن الناس يشعرون بالتناقض حين يعدل الداعية عليهم جزئيات هي أصلا مبنية على أصول فاسدة.

فمثلا: شخص بجهله يعبد الأولياء ... فهذا أصل .. وتتفرع عليه فروع عملية .. فهو (يدعوهم) و (يذبح لهم) وهو (ينذر لهم) وهو (يتقرب لهم بالأموال) ... إلخ

فلو ذهب الداعية إلى علاج كل جزئية هنا علاجا مستقلا فلن يقنع المدعو بذلك؛ لأن كل جزئية هي صورة تطبيقية لأصل هنده هو العبادة .. بل الصحيح أن يواجه بحقيقة الأصل الذي تنبثق عنه كل تلك الفروع .. فيعلمه الداعية أن هذا من الشرك. وأن عقيدته تجاه هذا الولي هي إشراك بالله .. فالرجل ما فعل ما فعل من كل تلك الصور التطبيقية إلا انبثاقا عن عقيدة في هذا الولي .. فالصحيح أن توجه الدعوة لصدع تلك العقيدة الباطلة، وهنا ينصلح ما ينبثق عنها من عبادة.

ومن هنا فإن الدعاة من غير ذوي البصيرة بمنهج القرآن يجنون جناية كبيرة على الناس حين يطالبونهم بأمور لا تتوافق مع القواعد التي تقوم عليها حياتهم، وهي قواعد فاسدة. .

ما هي الأمور التي لا تتوافق مع قواعد الناس التي تقوم عليها حياتهم؟ أرجوك إشرح أكثر بأمثلة.

هو كما ذكرت في التعليق الأول ..

يعني ان التعديل في جزئيات يقوم عليها الناس وهي تنبثق عن أصول فاسدة هو شيء غير منطقي للناس ..

فمثلا .. كيف أطالب مبتدعا بترك بدعة بعينها وهو أصلا لا يتخذ القرآن والسنة مصدرا وإنما هو شيخ طريقته أو هو ذوق أستاذه ..

كذلك الكثير من الناس لا يدركون المعنى الحقيقي للعبادة وما يحمله هذا المعنى من الشمولية التي لا تقبل التجزئة .. فكيف نقوم بتعديل جزئياتعلى غير أصولها؟

فالصحيح هو أن تبدأ الدعوة بالعقيدة .. ليس لأنها وسيلة، بل لأنها هي الغاية والأصل، ومن ثم تنبثق عنها كافة الفروع لما تخلص العبودية لله.

على الدعاة أن يزيحوا الحاجز الوهمي المرعب من مخاطبة الناس في كليات العقيدة، حتى تدهور الحال وصار بعض الدعاة يرى أن خطاب الناس في هذه الأمور يفرقهم!.

كيف ترى أن الكلام في العقيدة يفرق الناس؟ (لا تستغرب من سؤالي)

وما هي أفضل طريقة برأيك في طرح العقيدة على الناس؟

لست أقول هذا - والعياذ بالله - وإنما أنقل حال بعض الدعاة لا سيما ممن يسمون الجدد، أو هو فكر يتواجد في أوساطهم .. حتى هان أمر الاعتقاد وحسب كل شيء سوى الشهادة خلافات فروعية .. والإشكال أننا نقاشهم في مدلول (الشهادة) نفسها، وما يعنيه.

ثم تفريق العقيدة بين الناس على الوجه الذي يعلم به أهل الحق من أهل الباطل هو شيء مطلوب وهو شيء إيجابي، وهو حكمة الله تعالى كما دل عليه في غير ما موضع من القرآن.

وأفضل طريقة في طرح العقيدة على الناس لا تحتاج إلى اجتهاد أو نظر؛ فهي الطريقة التي طرح الله تعالى بها العقيدة على الصف الأول من المؤمنين .. القرآن ..

فأنا أتعجب من تلك الزوبعات في المناهج الثائرة هنا وهناك .. حتى صارت العقيدة تتلقى كما يتلقى علم الفروع على الطريقة المتأخرة!

إنه القرآن بين أيدينا .. كل ما في الأمر أننا لم نعتد أن نتلقى منه، فيمكننا الاستعانة بكتب علماء الوحيد - وعلى رأسهم شيخ الإسلام ابن تيمية - لفهم القرآن.

إنه لا يوجد ما يسمى بكتب العقيدة في حقيقة الأمر .. فإن المطلع على كتب علماء التوحيد من امثال شيخ الإسلام ابن تيمية، والمجدد ابن عبد الوهاب، يدرك أن هذه الكتب ما صنفت إلا لربط الناس بكلام الله تعالى، فكتبهم كلها تنظير على ذلك .. وكثير من هذه الكتب - أو أغلبها - ينص صراحة على ذلك التوجيه. فكتبهم كانت كـ (همزة الوصل) بكتاب الله تعالى، فهي وسيلة فرضتها الاحوال التي آل إليها التلقي .. بينما لو نظرت في كتب المتكلمين ترى أنها متونا مستقلة بذاتها كمصدر، ولا تحثك أو تربيك على الرجوع إلى كتاب الله. هذا واقع وإن أنكروا ذلك.

وعذرا للاختصار في كلامي فمثل تلك المشاركات تكون على هامش برنامجي فأحاول الاقتصار فيها. أما أصل المشاركات فغالبا هي من المكتوبات عندي.

وفقكم الله وبارك فيكم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير