* في عام 1415هـ خصصت جريدة المدينة ملحق الأربعاء للحديث عن سماحة الشيخ، وأعد الملحق، وجهّز للطبع، واستوفيت المعلومات. لكن ما أن علم سماحة الإمام بذلك حتى منع من إخراج الملحق وأصرّ وأخبر أن العبد بحاجة إلى الإخلاص والكتمان ولعل الله سبحانه وتعالى أن يقبله والحالة هذه، فاستجابت الجريدة ومنع طبع هذا الملحق عن سماحته رحمه الله تعالى.
لقد كان رحمه الله تعالى مخفياً لأعماله، إلا أن الله عز وجل كتب لها الظهور لما علمه الله تعالى من صدق نيته وجهاده في الله حق جهاده، ولا تعجبوا أيها الأحبة فإن الله سبحانه وتعالى كما في الحديث: إذا أحبّ عبداً نادى جبريل فقال: ياجبريل إني أحب فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل، ثم ينادي جبريل في أهل السماء: يا أهل السماء إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض.
وأحسب الإمام من أولئك رحمه الله تعالى.
* منهج واضح في الحق منذ الصغر *
* حدّث ـ رحمه الله ـ عن نفسه فقال: (بحمد الله أنني منذ عرفت الحق في شبابي وأنا أدعو إليه، وأصبر على الأذى في ذلك، ولا أحابي أحد في ذلك، ولا أداهن. أقول الحق وأصبر على الأذى فإن قبل الحق فالحمد لله، وإن لم يقبل فالحمد لله، هذا هو الطريق الذي رسمته لنفسي قَبِلَهُ من قبله وردّه من ردّه، ما دمت على بصيرة، ما دمت على علم فيما أعتقد، فأنا أقول الحق وإن خالفني من خالفني من الناس، فلهم اجتهادهم، والله يعطي المجتهد أجرين إن أصاب، وأجرا واحدا إن أخطأ).
هذا كلامه رحمه الله عن نفسه، فتأمل أنه ـ رحمه الله ـ يتوخى الحق، والحق لا يعرف إلا بالدليل من الكتاب والسنة، وهذا هو المنهج النبوي، يقول الله عز وجل: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعن} الآية، فالدعوة إلى الله عز وجل قوامها العلم، أدعو إلى الله على بصيرة.
ثم إن الشيخ ـ رحمه الله ـ قال: " وإن خالفني من خالفني فلهم اجتهادهم " فهو رحمه الله لا يحط من أقدار المخالف، بل يضع المخالف دائرا بين الأجر والأجرين، إن أصاب أو أخطأ، فهو لا يتكلم بحقه ولا يتنقصه ولا يقع فيه، بل هو يترحم عليه ويعده مجتهداً، حتى وإن تكلم ذلك المجتهد في حق الشيخ.
* ألقى الشيخ محاضرة، فقيل له في المحاضرة: إن الشيخ فلان يقول عنك إنك مبتدع، فقال الشيخ ـ رحمه الله ـ: هو مجتهد هو مجتهد، السؤال الذي بعده. ما زاد على ذلك رحمه الله.
* من منهجه العلمي أنه يقول: لا أدري *
وهذا منهج نبوي، فقد قالها محمد صلى الله عليه وسلم!!
لما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم أي البقاع أحب إلى الله؟ وأي البقاع أبغض إلى الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: لا أدري حتى يأتي أخي جبريل فأسأله.
فقول العالم لا أدري تزيد من مكانته، ويفتح الله عليه فتوحاً لم تكن بالحسبان، لأنه وكل العلم إلى عالمه، والشيخ رحمه الله مع سعة علمه واطلاعه يقف عند المسائل التي لا علم له بها.
* سئل ـ رحمه الله ـ عن رجل قرأ في الصلاة " آية الدَّيْن " فقسمها بين الركعتين، فتوقف الشيخ، ثم قال: لأول مرة أسأل عن هذه المسألة.
ثم قال: إن قرأها فلا بأس، لكن الأولى أن يقرأها في ركعة واحدة.
فعلى كثرة المسائل والفتاوى التي تعرض عليه، يعترف ويقول على مسامع الطلبة ببساطة: أنا أول مرة تمر علي هذه المسألة.
الشاهد قوله: لأول مرة تعرض علي هذه المسألة، بعكس المتعالم الذي كل شيء يعلمه وعلى اطلاع بكل شيء، أما الشيخ رحمه الله تعالى فكان العالم الحق الذي يخشى الله عز وجل، هكذا نحسبه والله حسيب الجميع.
* حصل كثيرا جداً أن يقول الشيخ: هذه المسألة تحتاج إلى مراجعة، فيحيل هذه المسألة إلى بعض طلبة العلم في الدرس فيقول: يافلان هل تبحث لنا المسألة ولك منا الدعاء؟ فيقول الطالب: نعم، ثم يأتي بالبحث ويقرأه على الشيخ، ثم يعلق عليه رحمه الله. وقد صدر في ذلك أجزاء حديثية مما قرأ على الشيخ مما أمر ببحثه.
* جاء رجل واستفتى الشيخ رحمه الله أثناء الدرس، وكان الشيخ يفتي الذين خارج الدرس حتى أثناء الدرس؛ يقول: هم أصحاب حاجات، يعني لا علاقة لهم بالدرس، فهذا الرجل استفتى الشيخ، فقال الشيخ: لا أدري، لا أعرف.
فقال الرجل: أنت تقول لا أعرف.
قال الشيخ: أذّن في الآفاق أن ابن باز لا يعرف.
¥