تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و إن من لطائف تصانيف العلامة أبي حيان الأندلسي- التي فقدت مع الأسف-كتاب سمَّاه «النُّضار في المَسْلاةِ عن نُضار» و يقع في في مجلَّد ضخم ترجم فيه لنفسه و لعدد من شيوخه و ذك ر فيه من أول حاله و ابتداء أمره و صفت رحلته و اشتغاله كتبه إثر وفاة ابنته الفاضلة و الشابة الصالحة" نُضار" (702 - 730 هـ) و قد تأثر جدا بوفاتها و خلَّد ذكرها بهذا الكتاب و بقصائد عديدة حزينة ضمنَّها ديوانه، و عدَّد فيها صفات ابنته و أخلاقَها، و شدَّة اشتغالها بالقرآن و الحديث و فنون من العلوم.< o:p>

وقد وقف الحافظ ابن حجر (852 هـ) على نسخة من الكتاب بخط مؤلفه أبي حيان و مدحه "وقفت عليه بخطه و هو كثير الفوائد" الدرر الكامنة 6/ 161. " ووقفت على كتاب له سماه «النُّضار في المَسْلاةِ عن نُضار» بخطِّه في مجلَّد ضخم ذكر فيه أوليته و ابتداء أمره و صفة رحلته و تراجم الكثير من أشياخه و أحواله،إلى أن استطرد إلى أشياء كثيرة تشتمل على فوائد غزيرة قد لخَّصتها في 'التذكرة' "اهـ الدرر الكامنة 6/ 62< o:p>

و يبدو أنها النسخة نفسها التي آلت إلى الحافظ جلال الدين السيوطي (911 هـ) الذي أكثر النقل عنه في كتابه "بغية الوعاة في طبقات اللغويين و النحاة"،و المتأمل في تلك النقول يلاحظ كثرة المترجمين فيه من المغاربة و الأندلسيين.

و يذكر ابن حجر و الصفدي و غيرهما أن نضارا اشتغلت بالعلم و أجاز لها أبو جعفر أحمد ابن ابراهيم ابن الزبير الغرناطي (708 هـ) صاحب صلاة الصلة،و أحضرت على النسَّابة الشهير و العالم الكبير شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدِّمياطي (705 هـ)،و سمعت من شيوخ مصر من أصحاب ابن الزبيدي و غيره، و حفظت مقدمة في النَّحو وكانت تكتب و تقرأ و تطالع، و خرجت لنفسها جزءا حديثيا و نظمت شعرا،و كانت تعرب جيدا، و يعترف أبوها بتفوقها على أخيها حيَّان، حتى كان يقول:'ليت أخاها حيان كان مثلها'،< o:p>

و قد توفيت سنة 730 هـ إثر مرض شديد لازمها،فحزن عليها الجميع حزنا شديدا و وجد عليها أبوها وجدا عظيما < o:p>

و خلد ذكرها بهذا الكتاب «النُّضار في المَسْلاةِ عن نُضار».< o:p>

يقول الصفدي "بلغني خبر وفاتها و أنا برحبة مالك ابن طوق،فكتبت إليه -يعني والدها أبا حيان- بقصيدة أولها:< o:p>

بكينا باللُّجين على نُضار ****فسيل الدَّمعِ في الخدَّين جاري< o:p>

فيا اللهِ جارية تولَّت ... فنبكيها بأدمعنا الجواري< o:p>

و هذا يدل على صفات نادرة و شيم فاضلة عُرفت بها بين أصحاب أبي حيان و تلاميذه، و يؤكد لك هذا شهادة من عالم كبير و هو بدر النابلسي الذي قال في وصفها) الفاضلة الكاتبة الفصيحة،الخاشعة الناسكة، وكانت تفوق الكثير من الرجال في العبادة و الفقه،مع الجمال التام و الظرف) < o:p>

و لا عجب في ذلك فهي ابنة أب عالم صالح و أم فاضلة ناصحة و اسمها أمّ حيَّان زُمرُّدة بنت أبرق،والدة نضار و أخيها حيَّان، و قد كان يهتم الشيخ العالم بإفادة زوجته زمرُّدة فأخذها معه إلى مجالس المحدث الشهير أحمد بن إسحاق بن محمد الأبرقوهي (701 هـ) و غيره، و سمعت منهم شيئا كثيرا من العلم و الحديث و لذلك سمع عنها و استفاد من روايتها المحدث الكبير القاسم بن محمد البرزالي (739هـ) صاحب شيخ الإسلام ابن تيمية و المزي و الذهبي و غيرهم، و توفيت رحمها الله بعد ابنتها نُضار بست سنوات عام 736 هـ.< o:p>

وقد أثنى الزوج العالم أبو حيان على زوجه زمرُّدة- وكانت سمراء جميلة- فقال قصيدة نقتطع منها هذين البيتين:< o:p>

وجدت بها برد النَّعيم و إن يكن ... فؤادي منها في جحيم و لؤواءِ< o:p>

و شاهدتُ معنى الحسن فيها مجسَّدا*فاعجب لمعنى صار جوهر أشياءِ

< o:p>

ـ[توبة]ــــــــ[13 - 11 - 09, 11:23 م]ـ

فهذه قصة كتابنا "النُّضار في المَسْلاةِ عن نُضار"الذي كتبه علم النحويين أثير الدين أبو حيان الأندلسي، إثر وفاة ابنته نضار التي رباها فأحسن تربيتَها، و علمها فأجاد تعليمها و فجع بها قبل أن تكمل الثلاثين من عمرها و فارقته و أمَّها و أخاها حيَّان إلى الدار الآخرة و تركت فراغا صعبا استوحشوا منه للغاية و كادوا أن يبلغوا من الحزن النهاية لولا صبر من الله يثبت به قلوب المؤمنين و يقوي به أفئدة الصابرين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير