[أسباب مغفرة الذنوب للشيخ المحدث عبد الله السعد]
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[28 - 10 - 07, 01:35 ص]ـ
أسبابُ مغفرة الذنوب
فضيلة الشيخ/عبدالله بن عبدالرحمن السَّعد
إن مغفرة الذنوب غاية كل مسلم ومطلب كل مؤمن لأنه عندما تغفر ذنوب العبد من قبل ربه عز وجل فإن في هذا سعادته في الدنيا والآخرة.
قال تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران: 133]، وقال تعالى: وَقِهِمْ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [غافر: 9].
فعلى كل مسلم أن يسعى إلى تحقيق هذه المغفرة له من قبل الله عز وجل، وذلك بفعل الأسباب التي جعلها الله عز وجل سببًا لغفران الذنوب والتجاوز عن السيئات والعيوب، وهذه الأسباب سبعة (1) هي:
أولاً: التوبة إلى الله عز وجل:
التوبة هي: رجوعُ العبد إلى الله والإنابة إليه، ولها شروط ثلاثة وهي: الندم، والإقلاع عن الذنب، والعزيمة على عدم العودة، وإن كان ذلك في حق أخيك المسلم فترد عليه حقه أو التحلل منه.
والتوبة من أفضل الأعمال وأجل القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه عز وجل، وقد بين مكانة هذه العبادة عند الله عز وجل الرسول (بقوله: «للّهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ، حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى? رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلاَةٍ. فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ. وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ. فَأَيِسَ مِنْهَا. فَأَتَى شَجَرَةً. فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا. قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ. فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ. فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا. ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ. أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ» رواه البخاري ومسلم. (2)
وقد أمره الله عز وجل بذلك، فقال تعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) [محمد: 19]، وقال تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: 31].
قد كان (يكثر من الاستغفار والتوبة إلى الله عز وجل حتى أنه في المجلس الواحد يتوب إلى الله ويستغفره سبعين مرة، فقد أخرج البخاري من حديث أبي هريرة (قال: سمعتُ رسول اللّه (يقول: «واللّهِ إني لأستغفرُ اللّهَ وأتوبُ إليه في اليوم أكثرَ من سبعينَ مرَّة». رواه البخاري (3)
وفي حديث الأغر بن يسار (قال رسول الله (: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى? اللّهِ، فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ، إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ». رواه مسلم. (4)
وقد شرع الله لعباده الاستغفار بعد الأعمال الصالحة كالصلاة و الحج، قال تعالى: (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [البقرة: 199]، وعن ثوبان (قال: «كان رسول الله إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً». رواه مسلم. (5)
ثانياً: تحقيق التوحيد واجتناب الشرك:
قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) [الأنعام: 82]، أي: آمنوا بالله ولم يلبسوا إيمانهم بشرك، فلهم الأمن في الآخرة، وهم مهتدون في الدنيا.
فالتوحيد هو أساس الدين، وهو الشرط الأول لقبول القربات والطاعات ومغفرة الذنوب، وتحقيقه يكون بتخليصه وتصفيته من شوائب الشرك والبدع والمعاصي، فيكون بإفراد الله عز وجل بالعبادة وإثبات ما أثبته الله لنفسه، ومراقبته والتعلق به، وكثرة دعائه واللجوء إليه، والإتيان بالأركان والواجبات وتكميل ذلك بالسنن والمستحبات.
وترك ما ينافي ذلك كله من الشرك الأكبر الذي ينافي أساس التوحيد وأصله، وترك الشرك الأصغر والكبائر والتي تنافي كمال التوحيد الواجب، وترك كل ما ينافي كماله المستحب من الاسترقاء - وهي طلب الرقية من الغير -، ومثله الاكتواء، كما جاء في حديث ابن عباس (في السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بلا حساب. (6)
¥