تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

رَاقِب .... فإنَّكَ مُراقب!

ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[28 - 10 - 07, 01:45 ص]ـ

رَاقِب .... فإنَّكَ مُراقب!

الشيخ سعد بن عبدالله السعدان

[email protected]

مراقبة الله تبارك وتعالى عبادة عظيمة، وخصلةٌ إيمانية جليلة، لا يتصف بها إلا من آمن بالله، وأخلصَ عمله لله وحده دون سواه، ومراقبة الله من أعلى مقامات الدين الحنيف، وعندما سئل رسول الله × عن الإحسان، قال: «أنْ تَعْبُدَ اللَّه كأَنَّكَ تَراهُ، فإنْ لم تَكُنْ تَراهُ فإِنَّهُ يراك» (1) قال ابن القيِّم: "وكلما اشتدت هذه المراقبة أوجبت له من الحياء، والسكينة، والمحبة، والخضوع، والخشوع، والخوف، والرجاء، ما لا يحصل بدونها، فالمراقبة أساس الأعمال القلبية كلها، وعمودها الذي قيامُها به، ولقد جمعَ النبي× أصولَ أعمال القلب وفروعَها كلها في كلمة واحدة، وهي قوله في الإحسان: «أن تَعْبُدَ الله كأنك تراه» فتأمل كلَّ مقام من مقامات الدين، وكل عمل من أعمال القلوب، كيف تجد هذا أصله ومنبعه". (2)

منزلة المراقبة:

إن من أعظم الخصال التي يحتاجها المسلم والمسلمة في حياتهما مراقبة الله تبارك وتعالى، في السر والعلن، وقد أخبر الله أنه رقيب على العباد، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء: 1] وهو سبحانه عالمٌ بما في النفوس، مطلعٌ على مافي الضمائر،} وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ([البقرة: 235] ومن عَلِمَ أنَّ الله رقيبٌ عليه مطَّلع على أعماله، محصي عليه كل شئ، خافَ من الوقوع في المعاصي، وأقبل على الطاعات، وسابق للخيرات رغبة ورهبة وخشية) إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِى ?لْخَيْرَ?تِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خا?شِعِينَ [الأنبياء:90] "وقد ذُكر عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى أنه كان ينشد هذين البيتين إما له وإما لغيره: إذا ما خلوتَ الدهرَ يوماً فلا تقل خلوتُ ولكن قل عليَّ رقيبُ ولا تحسبنَّ اللهَ يغفلُ ساعةً ولا أنَّ ما يخفَى عليه يغيبُ" (3) وقال ابن كثير في تفسيرقوله تعالى: يَعْلَمُ خَآئِنَةَ ?لأٌّعْيُنِ وَمَا تُخْفِى ?لصُّدُورُ [غافر:19]: " يُخبر عز وجل عن علمه التام المحيط بجميع الأشياء جليلها وحقيرها، صغيرها وكبيرها، دقيقها ولطيفها ليحذر الناس علمه فيهم فيستحيوا من الله تعالى حق الحياء ويتقوه حق تقواه، ويراقبوه مراقبة من يعلم أنه يراه فإنه عز وجل يعلم العين الخائنة وإن أبدت أمانة ويعلم ما تنطوي عليه خبايا الصدور من الضمائر والسرائر. قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: يَعْلَمُ خَآئِنَةَ ?لأٌّعْيُنِ وَمَا تُخْفِى ?لصُّدُورُ هو الرجل يدخل على أهل البيت بيتهم وفيهم المرأة الحسناء، أو تمرُّ به وبهم المرأة الحسناء، فإذا غفلوا لحظَ إليها، فإذا فطنوا غضَّ بصره عنها، فإذا غفلوا لحظ فإذا فطنوا غض، وقد اطلع الله تعالى من قلبه أنه ود أن لو اطلع على فرجها. رواه ابن أبي حاتم، وقال الضحَّاك: خَآئِنَةَ ?لأٌّعْيُنِ هو: الغمز، وقول الرجل: رأيت ولم ير. أو لم أر وقد رأى. وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: يعلم الله تعالى من العين في نظرها هل تريد الخيانة أم لا؟ وكذا قال مجاهد وقتادة، وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: وَمَا تُخْفِى ?لصُّدُورُ يعلم إذا أنت قدرت عليها هل تزني بها أم لا" (4) وقال تعالى: إِنَّ ?لَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ. [الملك:12] "في هذه الآية السر الأعظم، وهو كون الخشية في الغيبة عن الناس، وهذا أعلى مراتب المراقبة للَّه، والخشية أشد الخوف". (5) ثم يقول تعالى مبيناً ومحذراً العباد: وَأَسِرُّواْ قَوْلَكُمْ أَوِ ?جْهَرُواْ بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ?لصُّدُورِ قال أبو سعيد: كان لي معلم يختلفُ إليَّ يعلمني الخوف ثم ينصرف، فقال لي يوماً: إنِّي معلمك خوفاً يجمع لك كل شيء قلت: ماهو؟ قال: مراقبة الله عز وجل. (6) معنى المراقبة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير