* أن يكون حريصاً على نشره العلم مبتغياً جزيل أجره، وقد كان في السلف رضوان الله عليهم من يتألف الناس على حديثه، منهم عروة بن الزبير رضي الله عنهما.
* قال ابن الصلاح: وليقتد بمالك رضي الله عنه فقد كان إذا أراد أن يحدث توضأ، وجلس على صدر فراشه وسرّح لحيته وتمكّن في جلوسه بوقار وهيبة وحدث، فقيل له في ذلك؟ فقال: أحب أن أعظم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحدث إلى على طهارة متمكناً، وكان يكره أن يحدث في الطريق أو هو قائم أو يستعجل وقال: أحب أن أتفهّم ما أحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروي عنه أن كان يغتسل لذلك ويتبخّر ويتطيّب فإن رفع أحد صوته في مجلس زجره، وقد قال الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ)) (الحجر: 2).
فمن رفع صوته عند حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنما رفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم.
* أن يُقبل على طلابه جميعاً، ولا يخص بعضهم بمزيد عناية دون بعض، روي عن حبيب بن أبي ثابت أنه قال: إن من السنة إذا حدث ا لرجل القوم أن يُقبل عليهم جميعاً [9].
* أن لا يسرد الحديث سرداً يمنع السامع من إدراك بعضه، وليفتتح مجلسه وليختمه بذكر ودعاء يليق بالحال.
* أن يقعد مجلساً للإملاء، فإنه من أعلى مراتب الرواية والسماع فيه من أحسن وجوه التحمُّل وأقواه.
* أن يتخذ مستملياً يبلغ عنه إذا كَثُر الجمع فذلك دأب أكابر المحدثين المتصدّين لمثل ذلك، وممن روى عنه ذلك: مالك وشعبة ووكيع وأبو عاصم ويزيد بن هارون في عدد كثير من الأعلام السالفين.
وليكن المستملي محصلاً متيقّظاً كيلا يقع في مثل ما روينا أن يزيد بن هارون سئل عن حديث فقال: حدثنا به عدة ... فصاح به المستملي: يا أبا خالد عدة بن من؟ فقال له: عدة ابن فقدتك.
وعليه أن يتّبع لفظ المحدث فيؤديه على وجهه من غير خلاف [10].
ويحسن بالمحدث الثناء على شيخه في حالة الرواية عنه بما هو أهل له، فقد فعل ذلك غير واحد من السلف والعلماء كما روى عن عطاء بن أبي رباح أنه كان إذا حدث عن ابن عباس رضي الله عنه قال: حدثني البحر.
وعن وكيع أنه قال: حدثنا سفيان أمير المؤمنين في الحديث، وأهم من ذلك الدعاء له عند ذكره فلا يغفلن عنه [11].
ثانياً: آداب طالب العلم:
* أن يخلص النية لله سبحانه وتعالى: وأن يحذر من أن يتخذه وصلة إلى شيء من الأغراض الدنيوية، قال حماد بن سلمة: من طلب الحديث لغير الله مُكِرَ به [12].
* أن يوقر شيخه وأن يتحرى رضاه، وأن لا يضجره بكثرة الأسئلة لاسيما إذا رأى عدم رغبته في ذلك.
* أن يستشير الشيخ فيما يشتغل به، وفي كيفية اشتغاله، وفي سائر أموره.
* أن يرشد غيره لما سمعه وأن لا يدع الاستفادة لحياء أو كبر، بل يأخذ الحديث عمن هو فوقه أو مثله أو دونه.
* أن يعتني بتقييد ما سمعه ويضبطه وأن يذاكر بمحفوظه ليرسخ في ذهنه، وأن يكتب الأحاديث المشهورة، وأن يدع الغرائب والأحاديث المنكرة.
* أن يبدأ بالأهم من كتب الحديث رواية ودراية:
أ/ فيبدأ بالأربعين النووية، ثم عمدة الأحكام، ثم بلوغ المراد، والمحرر لابن عبد الهادي, والمنتقى للمجد بن تيمية.
ب/ ثم الصحيحين، ثم كتب السنن، ثم صحيح ابن خزيمة، وصحيح ابن حبان، ثم السنن الكبرى للبيهقي، ثم مسند الإمام أحمد، وسائر المسانيد.
ج/ ثم الموطأ، وسائر الكتب الجوامع.
د/ كتب العلل، مثل: العلل للإمام أحمد والدارقطني وابن أبي حاتم.
هـ/ ثم كتب الأسماء مثل: التاريخ الكبير للبخاري، والجرح والتعديل، وتاريخ ابن أبي خيثمة، والثقات لابن حبان والمجروحين له، والكامل لابن عدي، وتهذيب الكمال وتهذيبه وتقريبه، والكاشف والميزان ولسانه.
و/ ثم كتب ضبط الأسماء مثل: الإكمال لابن ماكولا، وغيره مما مرّ ذكره.
- أن يتعرّف درجة الحديث وفقهه ومعانيه ولغته وإعرابه وأسماء
رجاله محققاً، كل ذلك معتنياً بإتقان المشكل حفظاً وكتابةً فلا يقتصر على مجرد كتابة الحديث دون معرفته وفهمه.
- أن يعتني بكتب غريب الحديث وكتب شروح الحديث مثل: فتح الباري، إرشاد الساري، عمدة القاري، شرح النووي على مسلم، عون الحديث لأبي عبيد، وللحربي، وأبي عبيدة، الهروي، والخطابي، وابن الجوزي، والزمخشري، وابن الأثير، وغيرهم كما تقدم.
¥