ومن اداب الحوار كما يقول العلماء –كابي حامد الغزالي في الاحياء- ان تحاوره فلا تتعرض لشخصه ,ولا لنسبه وحسبه واخلاقه, وانما تحاوره على القضية , لان بعض الناس يترك الكلام ويتهجم على خصمه المحاور امامه ,فيقول: قليل ادب, وبخيل, وليس لهذا علاقة بالمسالة , فانت تحاور – مثلاً- في زكاة الحلي وفيحاورك ,قائلاً: انت اصلاً لا تحترمني فكيف اجلس معك؟! والواجب عليك ان تعترف بمكانتي , وانت دائماً يقل ادبك مع العلماء! والسؤال: ما علاقة هذا الكلام بزكاة الحلي؟! ومن الأفضل ان تختار لخصمك لقباً او كنية ولو كان مخالفاً لكفتقول: ياابا فلان! وتعطيه من الكلام المبجل المحترم الذي يليق بالناس يقول احدهم وهو يحاور خصمه:
اكنيه حين اناديه لاكرمه
ولا القبه والسوءة اللقبُ
كذلك اُدبت حتى صار ادبي
اني وجدت ملاك الشيمة الادبُ
0 - الانصاف في الوقت
فاذا حاورت انساناً لابد ان تتفق معه وتقول له: تصبر لي وتسمع مني حتى انتهي , واصبر واسمع منك حتى تنتهي , لك خمس دقائق ولي خمس دقائق –مثلاً-او لك نصف ساعة ولي نصف ساعة , لا تقاطعني ولا اقاطعك , لان بعض الناس ظالم وجائر , يتكلم ثم لا يترك لك مجالاً لتتكلم , واذا اردت الكلام تكلم هو ,يقول ابن الجوزي: نزل عشرة حمقى يشترون حماراً من السوق ,الوا: يتكلم منا تسعة ويسكت واحد , يريدون ان يحرجوا على الحمار ,فهولاء هم الحمقى
- حسن الانصات
فكما تطلب من محاورك ان يحسن الانصات , والاستماع اليك – وهو من الادب – فعليك ان تستمع له اذا حاورك؛لان بعضهم ينقصه حسن الانصات , وحسن الانصات من حسن الخلق, يقويل ابو تمام يمدح الخليفة المتوكل:
وتراه يصغى للحديث بقلبه
وبلبِّهولعله ادرى به!
ويقول احد السلف: والله إني كنت انصت للحديث وقد سمعته عشرات المرات كانني سمعته لاول مرة
وتجنب في الحوار الهزل , والتعليق, والتنكيت؛ لان ذلك قد يُحمل على انك تحتقر خصمك, وانك لا تريد الوصول الى الجدِّ والحق
- احترم المحاوَر:
فالشخص الذي تحاوره اما ان يكون مسلماً فينبغي ان تخحفظ له حق الاسلام , واما ان لا يكون مسلماً, فهذا يعامل معاملة انسانية ,يُجادل بالتي هي احسن
يقال ان عيسى عليه السلام راي كلباً تزاحم في طريقه , واراد عيسى عليه السلام ان يدخل من الطريق ,فقال عيسى للكلب مر بسلام! قالوا: يا روح الله تقول للكلب مر بسلام! قال: لا اريد ان اعود لساني البذاءة
وسالم بن عبد الله بن عمر العالم الكبير زاحمه رجل في الطواف فنظر اليه الرجل ,فقال لسالم: انت رجل سوء , قال: ما عرفني الا انت!
- اختيار المكان المناسب للحوار:
والاحسن ان يكون الاجتماع في حلقة ضيقة من اهل العلم والراي السديد والرشد, ولا يكون في مكان عام
وقد رايت فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيميين – رحمه الله- في مجالس انه كان يحاور , فاذا راى الرجل لايقبل الا رايه قال:انتهى الموضوع اصبح جدلاً, لان بعض الناس تاتي له بالادلة الصحيحة والبراهين الساطعة , ثم تجده يكابر , ويعاند ويصر على رايه ,فهذا لا تستمر معه في الحوار , ولكن لا نهجره ولا نعامله بقسوة.
د. عائض القرني
بتصرف كبير
مخرج
يَدَعُ الجوابَ ولا يُراجَع هيبةً ****والسائلون نواكسُ الأذقانِ
نور الوقار وعز سلطان التقى ****فهو المهيب وليس ذا سلطان