ومن الصفات التي كانت بارزة فيه رحمه الله حرصه على القرآن, وحرصه على تلاوته ومراجعة حفظه ,وهو رحمه الله يحفظ القرآن عن ظهر قلب ,وكان ضبطه وإتقانه له عجيباً, ومن حرصه رحمه الله على القرآن أنه في مرض موته الأخير كان يطلب مني أن أقرأ عليه القرآن ,وهو يستمع مني فربما أخطأت في الآية, فأُفجا به يصحح لي ويرد علي ,وهو في حالة يرثى لها ,ولا يحسد عليها ,ولكنه القرآن أيها الإخوة حين يجري في دم الإنسان, ويصبح قائداً له ..
ومن روائعه عفى الله عنه: ورعه الشديد العجيب عن كل مشتبه ولسان حاله قول الحبيب صلى الله عليه وسلم:فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه "
وقد عُرض عليه القضاء ,فأبى ,ثم بدا له أن يستجيب ,ولكن ورعه ما أغمض له جفن ,وما استراح له بال فرحل إلى مكة يطلب النجاة من السكين التي وجهت له ولم يغمض له جفن حتى أعفي من القضاء ثم نام قرير العين ,وكنت إذا سألته يقل لي:لست أورع من سفيان .. يعني الثوري رحمه الله
ومن الجوانب البارزة فيه حرصه على صلاة الليل ,وكان شأنه فيها عجيباً, وحرصه عليها أعجب ,فلا تكاد تفوته تلك الصلاة ,ولو في أحلك الأوقات, وكذلك كان في مرضه الأخير حريصاً على صلاة الليل ويصلي ركعة ,أوثلاث ,حسب وسعه رحمه الله
ومن الجوانب أيضاً حرصه على السنن الرواتب ,ولا أذكر إلى ساعتي هذه أنه فوّت سنة واحدة, وكان كثير الذكر لله ,لسان حاله قول الحبيب صلى الله عليه وسلم: لا يزال لسانك رطب بذكر الله
كذلك من الجوانب البارز فيه رحمه الله, صدقه في القول والفعل ,وهذه صفة يشهد له بها الجميع , وهذه صفة ليست بالهينة كما يظن البعض ولكنها صفة عظيمة تفتقر إلى توفيقٍ وتسديدٍ من الله تبارك وتعالى.
ومن السجايا الجميلة في أخي راكان رحمه الله ,حرصه على إخفاء الأعمال التي كان يعملها يبتغي بذلك وجه الله ,فمن ذلك مثلاً:-
الأعمال التي قد بدأ بها في المحافظة التي كان يدرس بها في مدينة العلا في شمال المملكة , وكذلك الأعمال الخيرية التي كان يقدمها لأهالي القرية التي كان يصلي بهم التراويح ,وأيضا المساعدات التي قدمها ًلبعض أهالي الحي الذي كان يسكن فيه ,
ومن ذلك أيضاً محفوظاته التي كان يحفظها , و مقروءاته أيضاً ,فقد كان شديد الحرص على ألا يعرف ذلك أحد, يريد ألا يطلع عليها إلا الله.
ومن شمائله رحمه الله السعي في محاولة نصرة الأمة وإعادتها لمجدها وعزها ,عن طريق الدروس ,والخطب والمحاضرات, وكان رحمه الله شديد التأثر بواقع الأمة الإسلامية كثير الدعاء والابتهال بأن يعيد الله لهذه الأمة مجدها وعزها ,
وكان شديد الغيرة على محارم الله ,ولا يجامل في دين الله أحد ولو كان اقرب قريب ,وهذه صفة يشهد له بها من جالسه رحمه الله
فاللهم ارحم راكان وارفع درجته في المهديين ..
**حرصه على العلم ...
كان راكان رحمه الله ,أعجوبة في حرصه على العلم الشرعي ,وسعيه في تحصيله.
فقد كان رحمه الله , يلحق الليل النهار ,والنهار الليل ,في سبيل إدراكه ,ونيله.
لا يمل ولا يكل في تحصيله ,والعكوف عليه, ولعل الإخوة اللذين ذهبوا معنا في الرحلة الدعوية ,في عام 1429هـ يتذكرون مواقفه رحمه الله, وكيف أنه كان مولعاً بالعلم ,ومرحباً به ,في أي لحظة ,لا يفرق بين ليل ونهار ,بل كان العلم هو هُجيراه في كل آن.
وكان رحمه الله حريصاً على وقته أيما حرص ,مستغلاً كل ثانية تمر به ,في تحصيل العلم, وكان كثيراً ما يتألم أمامي على فوات نصف ساعة, أو أقل ,بلا تحصيل ,وكنا, إذا ذهبنا في السيارة لحضور درساً ما, يكون وقتنا مقسماً على القراءة, والمدارسة ,ومراجعة محفوظ, ولا يمر الوقت هكذا مر السحاب ,وكنت أنا بطبيعة النفس أملُ أحياناً, سيما إذا رجعنا من درس ما, فكان كثيراً, مايقل لي, اتعب الآن وارتح لاحقاً, ولا يسمح بذهاب الوقت سدى, وإذا رأى أني متعب ولارغبة لي بالمدارسة ,لا يتوقف هو بل يكمل طريقه في التحصيل , إما بالقرآة, أو بالمراجعة لمحفوظ,
فأظل أرمق نشاطه وهمته, وأتعجب من هذا الجبل الذي أمامي وهذه الهمة الفولاذية ,وما هي إلا لحظات حتى يبعث بي النشاط مجدداً ,فأكمل معه المشوار.
¥