(وخُلق الإنسان ضعيفًا)
ـ[البتول]ــــــــ[12 - 12 - 09, 03:48 م]ـ
وخُلق الإنسان ضعيفاً.
ما حدث يدل دلالة قاطعة على ضعف الإنسان، وافتقاره الذاتي إلى ربه، وأنه لا حول له ولا قوة إلا به ومن رأى ضعف الناس أثناء الكارثة وبعدها أمام هذا السيل الداهم ومخلفاته علم قبح الكبر والغرور فلا بد أن يعرف الإنسان قدر نفسه وقوة ربه سبحانه وتعالى فيفتقر إليه في أحواله كلها وينطرح بين يديه طالبا المعونة والتسديد والتوفيق ولا يستكبر عن عبادته ولا يتولى عن العمل بأمره (إن الله قوي عزيزُ). (وخلق الإنسان ضعيفا)
ما تدري نفس بأي أرض تموت.
أناس قدموا إلى جدة من مدن ودول أخرى قبل الكارثة بيوم أو يومين ليكون موعدهم مع السيل، ومدفنهم في أرضه ووحله (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
وآخرون خرجوا من بيوتهم بأسباب متعددة فأنجاهم الله ومنهم الذين ذهبوا إلى حج بيته فأنقذهم تعالى من السيل.
المصاب عظيم.
فعائلات فقدت بكاملها رجالا ونساء وأطفالاً ... وجثث ملقاة على الأرصفة وعالقة بالأعمدة والأشجار وأخرى تستخرج من الحفر والمستنقعات ومن تحت الركام وحطام السيارات
وميتان: طفل في حضن أبيه. ورجل يسير مع أربع نسوة، فيأتي السيل فيخطف إحداهن أمام بصره، فيمسك بالثلاث وهو يراها تغرق أمام عينه لا يقدر على شيء، ثم يخطف السيل الثانية ومن بعدها الثالثة والرابعة وهو ينظر حتى اجتاحه السيل هو أيضاً.
وآخر وجد أمه على مسافة بعيدة بعد أن حبسها عمود.
وهذا زوج مكلوم ظل يبحث طوال الأيام الماضية عن زوجته المفقودة في السيل، ولم يترك مكاناً إلا أتاه مستمسكاً بالأمل ولو أن يجد جثة زوجته ... ، وعلى بعد 12 كيلو مترا من مقر منزله عثرت فرق الإنقاذ على جثة زوجته، ولما حملت الجموع الجثة، علا صوت الزوج بالبكاء في مشهد أبكى معه العشرات، وامرأة تقول: رأيت جارتي وأطفالها الخمسة يموتون أمام عيني. ورب أسرة يقول: أنا وأولادي من اليوم الثامن حتى ثاني يوم العيد لا مأوى لنا إلا سيارتنا التي نتحرك بها.
والكثير من الناس ذهبت أصول مكاسبهم أو تضررت تضرراً بالغاً (من ورشة، ومصنع، ومخزن ومحل ... )
لا ماء .. ولا كهرباء .. انهيار وبكاء .. وبيوت تصدعت على وشك الانهيار، وأرامل وأطفال يقيمون في العراء، والقمامة أرتال كالجبال، ومستنقعات في وسط الأحياء، تحوم حولها الحشرات. .. ومساجد كاملة مقفلة: لا سجاد، لا مصاحف، لا كهرباء، و80 %من سكان المناطق المنكوبة غير موجودين الآن في بيوتهم ... واستخراج الجثث لازال قائما حتى الساعة
لِكُلِّ شَيءٍ إذا ما تمَّ نُقصَانُ ... ... فلا يغرُّ بطِيب العَيشِ إنسانُ
فجائع الدنيا أنواعٌ منوعةٌ وللزمان مسراتٌ وأحزانُ
وَهَذِهِ الدَّارُ لا تبقِي على أحدٍ ... ولا يدُومُ عَلَى حَالٍ لَهَا شانُ
الإيمان بالقدر شفاء لما في الصدور
وقد بين تعالى الحكمة من كتابة الأقدار فقال: (لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ) فلا عجب أن تجد بعض المصابين ممن ربط الله على قلوبهم كانت نفوسهم طيبة في تلقي البلاء وبعضهم يواسي بعضا.