تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حول البداوة والصحراء والجمل]

ـ[محمد مبروك عبدالله]ــــــــ[14 - 12 - 09, 11:23 م]ـ

بقلم صافى ناز كاظم 14/ 12/ 2009

البداوة وركوب الجمال والصحراء ليست بمذمة أو منقصة عند كل خلق الله الذين يعقلون وعند أولى الألباب.

المؤسف أن هذه المفردات: «بداوة»، «جمل»، «صحراء» ... إلخ، صارت من قاموس شتائم مثقفى العرب، المسلمين بالذات، يستعلون بها على «أنفسهم» بعد أخذها من فم أعدائهم، ذلك بعد أن تخندقوا مع الجانب الذى يتعمد تشويه كل ما هو ناصع عند العرب والمسلمين، إلى أن وصلوا إلى اعتبار فتح المسلمين لمصر على يد عمرو بن العاص، «غزوا صحراوياً» و «استعماراً بدوياً»، ممن جاءوا على «الجمال» ليقضوا على «الطريقة المثلى» فى أرض «الحضارة الفرعونية»!

والله هذا كلام قرأته لبعض كتاب يجلسون فى الصف «الأكالنجى شكولاته وكراميللا» على حد قول الشاعر نجم هذه الفئة من «المثقفين» بدأوا بالهجوم على الخلافة العثمانية، بالحق والباطل، مستعيرين حيثيات أدبيات الاحتلال الفرنسى والإنجليزى، بل إن بعضهم قالها صراحة إن الحملة الفرنسية جاءت لتحرر مصر من الاحتلال العثمانى، ثم التفتوا إلى عصر المماليك يبخسون حقه، وما لبثوا حتى مالوا على صلاح الدين الأيوبى يلطمون وجهه كيفما اتفق، حتى وصلوا إلى إدانة عمرو بن العاص، ليس بسبب الفتنة الكبرى والتحكيم، بل تحديداً لأنه الذى فتح مصر وتسبب، جزاه الله عنا كل خير، فى أن أصبحنا عرباً ومسلمين، والتهمة الشرف، المتكررة بالنص «غزو ثقافة البدو الآتية على الجمال من الصحراء لحضارة مصر الفرعونية!».

كأن هؤلاء، الذين يتلذذون بلعق بصاق التحيز الغربى على وجههم، لم يتعلموا من القرآن الكريم التعريف الجوهرى لمعنى «الحضارة» الذى هو: التوحيد وكرامة بنى آدم ورفض الطغيان والظلم والجبروت وعدم الاستعلاء بالترف والبنيان والزخرف، فهذا فرعون يستعلى على رسول الله موسى: «ونادى فرعون فى قومه قال يا قوم أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى أفلا تبصرون أم أنا خير من هذا الذى هو مهين ولا يكاد يبين» - الزخرف/ 51، 52.

القرآن الكريم يعلمنا الاستهانة بالعلو فى البنيان مستشهداً بإرم ذات العماد التى لم يخلق مثلها فى البلاد، وغيرها وغيرها .. والأمثلة كثيرة يعرفها العامى فما بال بعض «المثقفين» لا يفقهونها؟

إلى من ينتمى نبينا ورسولنا الهادى محمد بن عبد الله؟

أإلى نمرود، طاغية بلاد ما بين النهرين وحضارتها الوثنية التى يُفتخر بها، أم إلى ملة أبينا إبراهيم، الذى سمّانا المسلمين، والذى لم يؤمن بدعوته للتوحيد، حين دعا إليها، أحد من أهل «الحضارة»؟

وهل ركب سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، «الجمل» أم مراكب الأكاسرة والقياصرة المطهمة والمزوقة بالذهب والفضة والجوهر والعبيد؟

أو لم يجلس صدام حسين ظالماً طاغياً مستعلياً بحضارة العراق، متوحداً مع حمورابى ولم تمنعه «حضارته» العريقة من ذبح العراق وشرب دمه؟ فيا ليته تعلم من راكب الجمل: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟!

اشمئزازى بالغ من ألفاظ غاضبة، لم ينجح بعضهم فى كبحها وكظمها، رغم أن منهم من علا قدره فى الثقافة والمعرفة وتهويمات التصوف، وكان الأفضل نبذها تماماً من منطtلق عقيدته وإنسانيته.

لا يجوز المعايرة ولا الاستهزاء بأصول عرقية امتزجت، عبر الزمن الاسلامى، حتى أصبح المسلم لا يسأل عن أصله وفصله أينما سار وجال على أرض أمة محمد المبعوث رحمة للعالمين، فكلنا لآدم وآدم من تراب!

بل الحقيقة أن «المعايرة» و «إثارة النعرات»، لا تجوز فى كل الأحوال، فهى من «التنابز» المنهى عنه قرآنيا: «ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون» الحجرات / 11.

فاتقوا الله يا أولى الألباب، وقانا الله شرّ مقاديره، لطيف السماء ورحمانها، ونجى الكنانة من فتنة تهددت الأمة والناس نيرانها!

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير