[مأساة شعب روهينجيا]
ـ[رشيد السلفي]ــــــــ[21 - 12 - 09, 07:29 م]ـ
مأساة شعب روهينجيا [1] ( http://www.alukah.net/articles/1/7249.aspx#_ftn1)
هل هي حرب إبادة ثقافية جماعية؟
جابرييل مارانتشي [2] ( http://www.alukah.net/articles/1/7249.aspx#_ftn2)
ناقشتُ من قبلُ المأساةَ غير المرئية التي يعيشها الشَّعب المسلِم في روهينجيا في مقال آخرَ نشرتُه على هذا الموقع، وذكرتُ معلوماتٍ عنها، والقاعدة هي أنَّ أخبار روهينجيا يتمُّ تداولها إعلاميًّا فقط حينما تكون هناك ندرةٌ في الأخبار التي تهتمُّ بها عادة وسائل الإعلام، واليوم صارَ عددٌ أكبرُ من الناس على وعي بقضية شعْب روهينجيا، والسبب في ذلك تلك التقارير المفجِعة التي كان فيها بعضُ السُّيَّاح شهودًا على المعاملة السيِّئة بالغة القسوة، التي يتعامَل بها الجيش التايلانديُّ على الشواطئ التايلاندية مع اللاَّجئين الروهانجيين، حيث قاموا بتوثيقها.
من جانبها طالبتِ الأممُ المتحدة بالسَّماح لها بلقاء اللاَّجئين، والذين تعرَّض بعضُهم للطرْد، وطالبتُ أيضًا بإجراء تحقيق حولَ المزاعم بوجود إساءة معاملة.
الشَّعْب المسلِم في روهينجيا هو شعبٌ لا يتمتَّع بأيِّ جنسية على أرض الواقع، وإصباغ صفة "المهاجرين لأسباب اقتصادية" عليهم - كما تحاول الحكومةُ التايلانديَّة الجديدة أن تفعل - هو أمر غير واقعي تمامًا، مثل التحقيق الكامل الذي وعدوا بإجرائه، والذي يُنتظر أن يُجرَى تحت إشراف الجيش التايلانديِّ المتورِّط في الفضيحة الدولية.
ومن السَّهل أن نُقدِّم شعب روهينجيا في صورة ضحايا البوذيِّين "الأشرار"، لكن الحقيقة تختلف عن هذا تمام الاختلاف؛ فالمسلمون في روهينجيا هم ضحايا انعدامِ القِيمة الإستراتيجية عند أشقائهم في جنوب شرق آسيا، وعندَ المجتمع الدولي على نطاق أرحب، فهؤلاء ليس لحياتهم قيمةٌ اقتصادية أو سياسية عندَ بقية العالَم الذي تُسيطر عليه قيمه الأنانية.
وانطلاقًا من مفهوم معيَّن، وحيث إنَّ الشعب المسلِم في روهينجيا ليس قادرًا ولا راغبًا في أن يخوض صِراعًا في المنطقة، فهذا يُقلِّل من فرص انتهاء مأساتهم الإغريقيَّة من مكان لآخرَ في الوقت القريب.
لا تقلُّ مسؤولية الدول الإسلاميَّة مثل بنجلاديش عن معاناة الشَّعب المسلِم في روهينجيا عن بقية الدول غيرِ الإسلامية في المنطقة، فنصف مليون روهينجي كانوا قد فرُّوا بالفعل من الحملات التي شُنَّت بغرض فرْضِ النِّظام في العامَين 1978 و1991، واستمرَّ مَن بقي في محاولة الهروب من الاضطهاد الذي يواجهونَه على يَدِ الحُكَّام الديكتاتوريين في الحُكم العسكري في بورما، حاول غالبيتُهم واستمرُّوا في محاولاتهم للوصول إلى بنجلاديش، ويعيش الكثيرون منهم في المنافي، في باكستان والسعودية والإمارات العربية، وتايلاند وماليزيا.
منذ عام 2006 وبنجلاديش صعَّبتْ من إجراءات الحصول على جوازات سفر، ممَّا جعل الشعبَ المسلم في روهينجيا يبدؤون في اللُّجوء إلى الرحلات الخَطِرة عبرَ القوارب إلى تايلاند، ثم برًّا إلى ماليزيا؛ بغرضِ تحسين ظروف معيشتهم، وتَجنُّب التعرُّض للمجاعات.
بنجلاديش هي دولة مسلمة غالبيةُ سُكَّانها من المسلمين، لكن من الواضح أن المفهوم الإسلاميَّ للأمَّة له قيمة متدنية عندهم، مقارنةً بالمصالح السياسيَّة؛ ولهذا فبنجلاديش، ومعها الدول الإسلاميَّةُ الأخرى مثل إندونيسيا وماليزيا - ليسوا أقلَّ - في عدم ترحيبهم بالمسلمين الروهانجيين - من تايلاند.
والشعب الروهينجي قد احتجَّ - مثلما حدث مؤخَّرًا - حتى حاول أن يجعل عددًا أكبرَ وأكبرَ من الناس على وعيٍ بالقضية، خاصَّة أناسًا ممَّن يُعتبرون "إخوة" و"أخوات" في الاضطهاد الذي لا يُطاق، ولكن مَن يُصغي إليهم السمع؟!
لا شيء تقريبًا خارجَ نِطاق الجوانب الإغاثيَّة الإنسانيَّة، والدِّراسات التي تصدُر عن مفوضيات اللاَّجئين، قد مسَّت قضية المسلمين الروهانجيين بحديث؛ وليس هناك - بحسب عِلمي - دراساتٌ أنثروبولوجية، أو مقالٌ موسَّع يُلقي الضوءَ بتركيز على حياتهم وثقافتهم وتقاليدهم، وما إلى غير ذلك.
¥