[يوم أن توفيت يرحمها الله]
ـ[أبو البراء السبعاوي]ــــــــ[24 - 12 - 09, 03:12 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
كان ذلك اليوم الماطر تلفه كآبة غريبة لم أألفها في وجه شيخي عندما زرته بعد صلاة المغرب ... ، استقبلني في بيته، ولم يكن كعادته باش الوجه بل كان محاطاً بحزن لم أعهده من قبل ... ، وفي طريقي الى مضافته حاولت أن أبحث في نفسي عن سبب هذا الحزن وهل أنا السبب.
لم أتمكن من الوقوف على سبب مقنع ... ، فموعدنا متفق عليه منذ يومين ... ، وزيارتي بحسب علمي في وقت مناسب، وأنا لم أثقل على الشيخ في طلب الزيارة، بل على عادته مضياف مرحاب بزواره ...
لم يكن في مضافته غيري ... ، غاب فينة ثم عاد وأحضر الشاي ... ، وشغلت نفسي بالكلام على مؤلفاته العلمية وبعض الفتاوى المتأخرة ...
وكان كلما تكلم صمت فينة ثم تابع ....
وجلست معه أكثر من ساعة .... ، ولم أعرف ماذا حل بالشيخ ...
وفجأة جاءه هاتف فأجاب ...
حاولت أن أتجنب سماع محادثة الشيخ ... ، إلا أنه قال جملة، كسرت كل الحجب التي وضعتها كي لا تسمع مكالمته ...
قال: " نعم شكر الله سعيكم ... ، دفناها اليوم ... " ...
لم أتمالك نفسي وشعرت أن جسدي يرتجف ... ، انتظرت حتى أنهى مكالمته .... ، ثم بادرته بالسؤال من هي التي دفنتموها اليوم ... ؟ فقال: " والدتي يرحمها الله".
ازداد جسدي ارتجافاً ... ، يجلس معي ساعة ... ، ولا أسمع بكاء ولا عزاء ... ، ثم يخبرني هذا الخبر ...
قلت: لماذا لم تخبرني يا شيخي؟ فقال: "خشيت أن يكون من نعي الجاهلية الذي نهي عنه" ...
الله ... حتى وهو في هذا الحال يفكر بسنة الحبيب صلى الله عليه وسلم ...
قلت: فأين العزاء؟
فقال: "إقامة بيت للعزاء بدعة ... "، وذكر الأحاديث ...
قلت: رحمها الله ...
قال: " كان صوت الوالده يملأ جوانب البيت ... " ... ثم صمت ...
وخشيت أن يبكي فأنهار أمامة ....
لكنها كان شامخاً منكسراً من داخله ... ، أسداً في ظاهره ....
فرحم الله والدة شيخنا أبي محمد وليد غنيم ...