[زجر السفهاء عن أكل لحوم العلماء]
ـ[سمير زمال]ــــــــ[04 - 01 - 10, 01:00 م]ـ
< SUB>
[زجر السفهاء عن أكل لحوم العلماء]
كتب المقال أبو معاذ السبتي ابن العربي
الحمد لله الذي بعث في كل فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضلّ إلى الهدى ويبصرون بكتاب الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس وما أسوأ أثر الناس عليهم، ينفون عن دين الله تحريف الغالين وتأويل المبطلين ونزعات الجاهلين، وأشهد أن لا اله الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد:
فإنّ حاجة الأمة إلى العلماء كحاجة الجسم إلى الماء والهواء حتى يبقى ويستمر في هذه الحياة، ولن أضيف جديدا إن تحدثت عن فضل العلماء ومكانتهم في شريعة الله سبحانه وتعالى، فذلك أمر معلوم ومتقرر في النفوس، ونصوص الكتاب والسنة في فضل العلماء كثيرة جدا ولكن نكتفي بذكر آية من القرآن العظيم وحديث من سنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال تعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) آل عمران: 18
قال العلامة ابن القيم في كتابه القيم مفتاح دار السعادة (1/ 219):"استشهد سبحانه وتعالى بأولي العلم على أجل مشهود عليه وهو توحيده فقال: ((شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ)))، وهذا يدل على فضل العلم وأهله من وجوه:
أحدها: استشهادهم دون غيرهم من البشر.
والثاني: اقتران شهادتهم بشهادته.
والثالث: اقترانها بشهادة الملائكة.
والرابع: أنّ في ضمن هذا تزكيتهم وتعديلهم، فإنّ الله لا يستشهد من خلقه إلا العدول، ومنه الأثر المعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين)).
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من سلك طريقا يبتغي فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة، وإنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإنّ العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب وان العلماء ورثة الأنبياء، وإنّ الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحض وافر)) رواه أبو داود برقم (3641) وقال الألباني: صحيح.
خطر الطعن في العلماء:
قال الإمام الطحاوي رحمه الله في عقيدته: ((وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثر وأهل الفقه والنظر لا يذكرون إلا بالجميل ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل)).
قال الشيخ العلامة الفوزان حفظه الله في التعليقات المختصرة: ((لمّا فرغ رحمه الله من حقوق الصحابة وأهل البيت وما يجب لهم من المحبة والموالاة، وعدم التنقص لأحد منهم، انتقل إلى الذين يلونهم في الفضيلة وهم العلماء، فعلماء هذه الأمة لهم منزلة وفضل بعد الصحابة، لأنّهم ورثة الأنبياء لقوله عليه الصلاة والسلام: ((العلماء ورثة الأنبياء))، والمراد بهم علماء أهل السنة والجماعة، أهل العلم والنظر والفقه، وأهل الأثر وهم أهل الحديث.
وقال الحافظ ابن عساكر: ((واعلم يا أخي _وفقنا الله وإياك_ لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أنّ لحوم العلماء رحمة الله عليهم مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، لأنّ الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمر عظيم، والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مرتع وخيم، والاختلاف على من اختاره الله منهم لنعش العلم خلق ذميم))، وقال أيضا: ((ومن أطلق لسانه في العلماء بالثلب ابتلاه الله قبل موته بموت القلب)) تبين كذب المفتري (ص 28).
وقال ابن المبارك رحمه الله: ((من استخف بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته)) السير (8/ 408).
¥