تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ومات استاذ العربية الدكتور عبد الغني عبد الجليل: إنا لله وإنا اليه راجعون]

ـ[مصطفى بن حسين عوض]ــــــــ[09 - 01 - 10, 04:35 م]ـ

توفى الشيخ الاستاذ الدكتور الفاضل

عبد الغني عبد الكريم

مدرس اللغة العربية فى معهد العزيز بالله

أول مرة رأيته فيها كان فى دورة نحو تمهيدية بمعهد العزيز بالله بالزيتون

وكان رجلا رقيقا هادئاً حليما حتى انه بعد ان انتهى من شرح الدرس قال له اخ ما فهمت شيئا مما قلت

فقال له الشيخ متبسما سأعيد الشرح مره اخرى وبدأ فى توضيح ان النحو امر سهل ثم بدأ فى الشرح ولكن السائل كان رجلا عجيبا ترك الشيخ يعيد اشرح وانصرف والشيخ ينظر له سبحان الله

ظل الشيخ يعيد الشرح متبسما

فاللهم ارحمه رحمة واسعه

وبعدها علمت ان الشيخ جار لى ورأيته من بعدها كثيرا فى المعهد وبجوار البيت

وسبحان الله كان دكتورا الا اننى كنت كثيرا اراه يركب المترو

الله اسأل ان يرفع درجته فى الجنة كما تواضع فى الدنيا

وانقل لكم كلام الاخ مهاجر عن الشيخ لكى تعرفوه اكثر

و الشيخ الدكتور عبد الغني عبد الجليل، رحمه الله وطيب ثراه، فقد توفي اليوم في مدينة القاهرة، وهو من الأفاضل المتخصصين في علوم العربية عموما، وعلم النحو خصوصا، وكانت له، رحمه الله، عناية كبيرة بشروح ابن هشام، رحمه الله، وقد شرع من نحو سبع سنوات في أحد المراكز الإسلامية عندنا في مصر في شرحها بشكل منهجي دقيق، أثار إعجاب كل من وفقه الله، عز وجل، للجلوس بين يديه، فينتقل من التحفة السنية إلى شرح قطر الندى إلى شذور الذهب مع بسطه لكثير من مسائل شرحي ابن هشام وابن عقيل، رحمهما الله، للألفية مع مشاركة طيبة في تدريس علوم الصرف والعروض والبلاغة لا سيما كتاب "الجواهر" للشيخ السيد أحمد الهاشمي رحمه الله، فكانت له، رحمه الله، همة عالية، مع تقدمه في العمر، وإن لم يكن ذلك ظاهرا عليه فقد كان، رحمه الله، نشيطا مع نحافة في البدن وخفة في اللحم وبهاء في الوجه، أحسبه، ولا أزكيه على ربه عز وجل، من بركة هذا العلم، وكان له وذلك الأجدر بالذكر خلق رفيع، ورقة في الطبع، عرفت باستقراء أحوال أهل العربية، كما أثر عن الشافعي رحمه الله، فما تعلم أحد العربية إلا رق طبعه، فهو كما يقول بعض الإخوة متندرا ما معناه: رجل لا يمكن إغضابه! فكثيرا ما يكثر عليه الطلبة لدرجة الإلحاح المثير للضجر لصعوبة علوم العربية على معظم دارسيها في الأعصار المتأخرة، ولا يضجر من إجابتهم ما استطاع إلى ذلك سبيلا، ولا ينادي مخاطبه إلا بقوله: "يا أيها الكريم"، فإن كانوا جماعة فـ: "يا أيها الكرام"، وربما خلع على مخاطبة لحلاوة منطقه ألقابا من قبيل: "يا أيها الشيخ الجليل"!، وربما كان ذلك المخاطب يصغره بثلاثين أو أربعين سنة!.

فلا كبر ولا تقعر في الكلام وإنما بساطة في الأداء يقبل عليه كل سائل بلا وجل لرقة طبعه مع هيبة تحمل المتكلم معه على اختيار ألفاظه.

ولا زلت أذكر أول مرة رأيته فيها وكان ذلك في 29 يونيو 2002 م بعد العصر تحديدا، وكان يرتدي ثوبا أبيض بسيطا أنيقا في نفس الوقت، فبدأ شرحه لمقدمة نحوية عامة بذكر جملة من آداب طلب العلم بأسلوب هادئ لا يثير الملل وإنما يثير السكينة ويلفت الانتباه وكان من جملة ما ذكره ما أثر عن الأحنف بن قيس، رحمه الله، من أمره لجلسائه بالتقليل من ذكر الطعام والنساء لكراهته أن يكون الرجل الكامل وصافا لبطنه وصافا لفرجه فليست تلك الأحاديث بلائقة بمجالس الرجال فكيف بمجالس العلم.

ولا زلت أذكر صورته، وكان يستعمل "المترو" في تنقلاته وربما صادفته في الطريق أمامي وقد وضع حقيبته تحت إبطه وسار بهيئة تدل على كمال العقل فلا اضطراب ولا اختلاج ولا تماوت ولا تكاسل، فإن سلمت عليه عن بعد أشار إليك بيده بابتسامة فيها من التلقائية والتواضع ما فيها.

رأيت من سعة صدره في تلقي الإخوة في مقر عمله أمرا ملفتا، فمنهم من يأتي ليقرأ عليه كتبا أو شروحا بشكل فردي، ومنهم من يأتي لتصحيح قراءة الكتاب العزيز، بل منهم من يأتي ليسأله عن أشياء قد تبدو خارج نطاق اهتمامه في مقر عمله الذي يغلب عليه الجانب العلمي حتى جاءه أحد الإخوة يوما ليسأله عن مشاجرة وقعت بين بعض الأطفال في الشارع تبادلوا فيها الألفاظ النابية ولم يدر ما يصنع لفض هذه المشاجرة!، وهو أمر قد يدعو أي سامع إلى الاستغراب بل الاستنكار إذ ما علاقة أستاذ في النحو بمشاجرات الأطفال؟!، ولكنه مع ذلك أشار عليه بما ينبغي أن يفعل في مثل هذه الأمور إن تطوع للإصلاح بين أي متشاجرين، ولو كانا طفلين، وأفاض في الكلام معه عن وجوب أخذ المسلمين باللين والرحمة، فهي، كما تقدم، مما جبل عليه أهل العربية بشكل لافت للنظر لا يكاد يوجد عند غيرهم.

رحم الله الشيخ الفاضل: عبد الغني، وألحقه بمن تقدمه من إخوانه المؤمنين في دار مقامته وجمعنا بهم فيها، فلا نخشى نصب الابتلاء ولا ألم الفراق.

ومن طال عمره في هذه الدنيا ابتلي لزاما بفقد الأحبة.

والجنازة بعد صلاة الظهر اليوم إن شاء الله من الجامع الأزهر.

وإنا لله وإنا إليه راجعون.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير