تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولقد سمى الناس آلهتهم (اللات والعزى ومنات الثالثة الأخرى ... وودا وسواع ويغوث ويعوق ونسرا) ... وسمى أناس أميرهم فرعوناً وألهوه واستخف فرعون قومه فأطاعوه ... ولو لم يفعلوا ذلك بداية أوامتنعوا عن العبادة والطاعة ما كان لطاغوت أن يتأله ولا لفرعون أن يتفرعن ... فهذه الآلهة التى اخترعها الناس وعبدوها لا حقيقة ولا سلطان لها ولا دليل ولا برهان من منطق عقلى سليم.

إن السلطان الغالب والبرهان المبين إنما يأتى من الله الحق وحده (إن الحكم إلا لله)

إن الحاكمية لله وحده حقيقة إيمانية على كل مكلف الإيمان بها والتسليم لها والخضوع لها:

• تشريعاً: بما أنزل الله من كتاب وأوحى إلى الرسول (وَكَذلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا) (الرعد37)

• تنفيذاً (أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ) (الأعراف 54) ... والوالى القائم بها خليفة عن الله خاضع له ينفذ أمره ويمضى حكمه.

• قضاءً: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (المائدة 44).

هذه هى الحقائق الإيمانية الأساسية لأصول الدين القيم (ولكن أكثر الناس لا يعلمون)

ثم شرع يوسف فى تأويل رؤيا صاحبيه فقال (يا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّآ أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخر فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ).

ثم طلب يوسف من ساقى الملك أن يذكرأمره للملك (وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ).

والضمير فى أنساه يرجع إلى ساقى الملك.

وهكذا فقد جعل الله ليوسف السجن خلوة معه ومرحلة تحضيرية ودورة تدريبية تهيئة للمهام الكبيرة التى سيقوم بها من بعد ولنشر الدعوة إلى الله على الملأ كما كان الغار لمحمد عليه الصلاة والسلام ومدين لموسى عليه السلام كما جعله فيها قدوة حسنة لكل برئ من الناس والشباب ظلماً ُيسجن ولما قضى يوسف الأجل وتحقق الهدف هيأ الله لخروجه أضعف سبب (ليدل على أن عظمة الفعل هى من المسبب لا من السبب).

وهكذا ينتهى هذا المشهد من فعل يوسف مع صاحبيه فى السجن دلت معظمها على وظيفة يوسف العظمى فى الدعوة إلى الله وتبليغ رسالته والتى يمكن أن تشكل أنموذجاً ملخصاً ودورة تدريبية مكثفة للدعاة إلى الله.

3. إعزازاً فى الخروج (رؤيا الملك) (الآيات42 - 57)

فى هذه الآيات سنرى كيف دبرالله الحكيم العليم لعبده المخلص يوسف سبيلاً للخروج من السجن وذلك أن ملك مصر رأى رؤيا شغلته وهى (سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضروأخر يابسات ... )

ولما لم يعلم أحد منهم تأويل هذه الرؤيا فقد أجمعوا على قولهم: إنها من أضغاث الأحلام التى لا تأويل لها ولا تعبير ... ثم استدركوا القول ونفوا عن أنفسهم علم تأويل الأحلام بالكلية وفى تلك اللحظة تذكر ساقى الملك يوسف (وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ* يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ)

وانتقل الساقى من قصرالملك إلى سجن يوسف وطلب منه تأويل الرؤيا وأجاب يوسف فوراً دون تردد ولا تأخير (قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعُ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ* ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ* ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ).

لقد حملت رؤيا الملك خيراً عظيماً لكل من كانت له علاقة من قريب أو بعيد بها:

• يوسف: كانت سبباً فى نجاته وإخراجه من السجن ... ورفع الظلم عنه وتبرئته من الإثم والخيانة وتمكينه فى الأرض وجعله حفيظاً على خزائنها ... وتحقيق رؤياه من قبل بالسجود له ... وأعظم ما فيها أنها كانت سبباً فى إتاحة الفرصة له لنشرالدين والعلم والخير بين الناس.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير