تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وما أحوج الأمة إلى هذه القيادة الفذة، فكم في الأمة من طاقات معطلة؟! وكم في الأمة من مواهب ضائعة؟! وكم في الأمة من موارد مهدرة؟! وكم في الأمة من شباب حيارى؟! كل هذه الطاقات .. وكل هذه المواهب .. وكل هذه الإمكانيات في حاجة إلى قيادات فذة فريدة لا تجامل أحداً على الإطلاق على حساب المصلحة، وهذا ما بينه لنا أيضاً ذو القرنين، عندما قال: أما من آمن فله الجزاء الأوفى، وأما من ظلم فله العذاب. ما أحوج الأمة كذلك إلى هذا الدرس، الذي يبين لنا ذو القرنين به منهجاً في التنظيم الوظيفي والإداري، لو عملت الأمة به لسعدت!! انظر الآن إلى هذا التنظيم الذي اختل في عالمنا المعاصر: أصبح المتملقون والمنافقون هم أصحاب المكانة القريبة من المسئولين، وأصبح المخلصون العاملون الجادون، الذين لا يجيدون العزف على وتر النفاق، ولا يحسنون الضرب على أعواد المداهنة أصبحوا لا نصيب لهم في المنح بل والوظائف؛ لأن الأمة تجامل على حساب المصلحة، بل وعلى حساب منهج ربها جل وعلا. ذو القرنين يبين لنا سمات القيادة الناجحة، فلما نظر إلى هذا الصرح العظيم لم تسكره نشوة القوة والعلم، ولم يقل: هذا هو فن الإدارة، لم يقل: إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي [القصص:78]. وإنما نسب الفضل لصاحب الفضل جل وعلا، فقال: هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي [الكهف:98]. ثم بين معتقده الصافي في الإيمان بالبعث، والإيمان بيوم القيامة، فقال لهم: إن الذي أمر ببناء هذا السد هو الله، وإن الذي أمر بقتل يأجوج ومأجوج هو الله، وإن الذي سيأذن لهم في الخروج إذا شاء هو الله، وحتماً سيأتي يوم على هذا السد المنيع؛ ليجعله الله عز وجل دكاء، أي: يسويه بالأرض كما يسوي جبال الأرض كلها بالأرض، وذلك لا يكون إلا بين يدي الساعة. قال الله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا * يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا * يَوْمَئِذٍ لا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا * وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا [طه:105 - 111]. قال الله تعالى على لسان ذي القرنين: فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا [الكهف:98]. هكذا يبين ذو القرنين العقيدة الصافية في الإيمان بالبعث، في الإيمان بيوم القيامة وعلاماته الكبرى، يأذن الحق تبارك وتعالى ليأجوج ومأجوج في الخروج، حينئذ يستطيعون أن يثقبوا هذا الثقب، وأن يخرجوا إذا قدر الله عز وجل الوقت المعلوم لخروجهم.

أعلى الصفحة

خروج يأجوج ومأجوج بين يدي الساعة

وهذا هو عنصرنا الرابع من عناصر هذا اللقاء: خروجهم بين يدي الساعة في صحيح البخاري من حديث زينب بنت جحش رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوماً فزعاً، وهو يقول: (لا إله إلا الله!! لا إله إلا الله!! ويل للعرب من شر قد اقترب!! فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه. وحلق النبي هكذا بالإبهام والتي تليها -أي: بالإبهام والسبابة- فقالت زينب بنت جحش: يا رسول الله! أَنهلِكُ وفينا الصالحون؟! فقال المصطفى: نعم، إذا كَثُرَ الخبث). ووالله! لقد كثر الخبث، وإذا كثر الخبث يهلك الصالح والطالح، ويبعث الله الصالحين والطالحين على نياتهم. ......

سبب تأخرهم عن الخروج

وتدبر معي هذا الحديث: الذي رواه أحمد و الترمذي و ابن ماجه و ابن حبان و الحاكم في المستدرك، وصحح الحاكم الحديث على شرط الشيخين، وأقر الحاكم الذهبي و الألباني في السلسلة من حديث أبي هريرة أن الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى قال: إن يأجوج ومأجوج يحفرون السد كل يوم، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قالوا: ارجعوا فستحفرونه غداً، فيرجعون، فيعيد الله السد أشد مما كان، حتى إذا أراد الله أن يبعثهم خرجوا يحفرون السد، فقال الذي عليهم إذا ما رأوا شعاع الشمس: ارجعوا، وستحفرونه غداً إن شاء الله تعالى -فأتوا بالمشيئة في هذه المرة فيعودون

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير