[ناعمة الملمس ضارية النتائج]
ـ[عبدالعزيز السريهيد]ــــــــ[20 - 01 - 10, 10:50 م]ـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الأنبياء والمرسلين وبعد:
إنها حرب ناعمة الملمس ضارية النتائج لينة المظهر قاسية المخبر يتذرع دعاتها بالتقدم ويتظاهرون بحرية المرأة وليس لهم من وراء ذلك غاية إلا نبذ الفضائل والتخلي عن مكارم الأخلاق وإشباع نزواتهم المحمومة وغرائزهم البهيمية.
ولست أدري من المرأة التي صرخت في هؤلاء لينقذوها؟ ومن تلك التي استغاثت بهم لينجدوها؟ يا لك من مخلوقة مظلومة: لقد أخرجوك من خدرك المصون زاعمين أنهم يريدون تحريرك.
ومتى كنت أمة حتى يحرروك؟ لقد حفظك الله وضرب عليك الحجاب ليبعدك عن عبث العابثين ومجون الماجنين وأحاطك بالإجلال والتوقير كما تحيط الصدفة باللؤلؤة لحمايتها من كل أثيم.
فأغار عليك هؤلاء في غفلة أبنائك البررة فأخرجوك من قصرك المنيع وأنزلوك من عرشك الرفيع وتركوك في الشوارع هائمة حائرة لا تدرين إلى أين تذهبين.
ولا يفهم من ذلك الدعوة إلى جعل المرأة كما مهملا أو سلعة تباع وتشترى. معاذ الله أن يكون الإسلام داعيا إلى ذلك أو يكون المسلمون الواعون يفهمون ذلك.
إن الإسلام هو أول من أنصف المرأة ووقف إلى جوارها يشد أزرها وينزلها تلك المنزلة الرفيعة.
الإسلام هو الذي اعتبر المرأة صنو الرجل ففرض عليها كل ما فرض عليه وجعل لها من الأجر والمثوبة على عمل الصالحات مثلما جعل له: (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا).
الإسلام هو الذي جعل بر الأم مقدما على بر الأب حيث أمر الرسول ببرها ثلاثا وفي الرابعة أمر ببر الأب.
وخص النساء بسورة تامة من طوال السور فصل في أحكامهن وفرض لهن حقوقا وأوجب عليهن وجبات.
ماذا يريد دعاة السفور والاختلاط؟ أيريدون أن يشوهوا صورة المجتمع الرائعة المنسقة المنسوجة من الذكر والأنثى فيجعلونه كله رجالا أو نساء؟ ولا أعتقد أحدا يرضى بذلك أو يقبله فلا المرأة ترضى أن تكون رجلا ولا الرجل يرضى أن يكون امرأة.
إن الله خلق كلا النوعين وأعطى لكل خصائصه ومميزاته وحبب إلى كل نوع هذه الخصائص وتلك المميزات حتى بلغ ذلك الحب حد التعصب.
ولهذا يغضب الرجل ويثور حينما يوصف بأنه كالمرأة، ويشتد غضب المرأة ويزيد انفعالها عندما يقال إنها كالرجل، وليست ثورة الرجل وانفعال المرأة إلا لأن كلا منهما قد أحس بالإهانة والإزدراء بسلب خصائصه ومميزاته.
إن جمال المجتمع وروعته لا تتم إلا بوجود الصنفين معا فلكل منهما وظيفته التي لا يستطيع غيره القيام بها. ولكل منهما قدراته وإمكاناته التي يعجز غيره عن أدائها.
ماذا يريد دعاة المساواة بين الرجال والنساء؟ وماذا يقصدون برفع هذا الشعار؟ إنهم في الحقيقة لا يردون إنصاف المرأة ولا يريدون تحريرها كما يزعمون.
إنهم في الواقع يريدون القضاء عليها ومحوها من الوجود وإن حقيقة المساواة التي يريدونها ليس وراءها إلا إلغاء أحد الصنفين وأكثر ما يكون الإلغاء في المقيس لا في المقيس عليه.
و إذا تمت المساواة على هذا النحو نكون قد فقدنا نصف المجتمع على الحقيقة. حيث تكون المرأة قد ألغيت من المجتمع لتحل محل الرجال.
ومهما حاول دعاة هذه الفتنة فإنهم لن يغيروا حقيقة المجتمع وجوهره. فالمرأة هي المرأة لا تستغني عن الرجل. ولا يتم نظام المجتمع إلا بها. والرجل لا يستغني عن المرأة ولا تقوم الحياة الطبيعية إلا به. وكلاهما في الحقيقة هما المجتمع السوي القائم على الجمال والحق والعدل والخير.
ولكن مع الأسف لقد أصبحت هذه الدعوات الوافدة على بلادنا الإسلامية وفود الحمى محل نظر واقتناع من كثير من الناس حتى غدت خلقا اجتماعيا يدل على ظرف فاعله ولباقته وحسن تصرفه. ولا تكاد تجد رجلا لا يقدم لك زوجته لتتعرف عليها وتصافحها. ويراد بهذه البلاد ما أريد بتلك.
والرجل الذي يضن بزوجته أن تخالط الرجال وتأبى عليه مروءته أن يصافح النساء يعيش في هذه المجتمعات غريبا ّ! وهو في نظر هؤلاء جلف غليظ قليل الذوق لم يتذوق نظم المجتمع الراقي محروم من أعرافها و تقاليدها!