تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[المرأة .. إلى أين! د. لطف الله بن عبد العظيم خوجه]

ـ[أم رائد مفرح]ــــــــ[28 - 01 - 10, 09:58 م]ـ

< TABLE style="TEXT-ALIGN: center; WIDTH: 560px" cellSpacing=0 cellPadding=0> المرأة .. إلى أين! الخميس 06 صفر 1431 الموافق 21 يناير 2010

د. لطف الله بن عبد العظيم خوجه

لا أدري كيف أبدأ؟!!!.

غير أني سأضرب مثلا بنهر يجري .. يخترق بلدة .. يسقيها؛ يسقي زروعها، ثمارها، أنعامها، أناسها. فالجميع في كفاية، وبهجة، وعافية، بلدة طيبة، ورب غفور.

أراد بعض ذوي المصالح الخاصة الاستيلاء على مياه النهر لأغراض خاصة تضر بالعامة، وقد عرفوا أن من العسير فعل ذلك جهارا نهارا، مرة واحدة؛ فأهل البلدة سيدركون، فيرفضون، ويقاومون، والغلبة لهم، فهم أكثر وأشد، وذوو المصالح شرذمة قليلون.

اهتدوا إلى فكرة، ضلوا بها: لا تستولوا على الماء كله دفعة واحدة، لكن خذوا منه قليلا قليلا، احفروا إليه شِعْبا صغيرا، يخرج به الماء إلى ناحية الهدف، ثم احفروا آخر، ثم ثالثا، وليكن بينها مدد وزمن، كيلا يفطن أهل البلدة إلى المقصد والهدف، وكلما حفرتم شِعبا قولوا: نريد إحسانا؛ نريد أن نسقي أرضا جديدة، تدر ثمارا كثيرة وعديدة، يأكل منها: الفقير والمحتاج، والشيخ الكبير، والمرأة والصغير، وابن السبيل. بأرخص الأثمان، بل بلا حساب .. نريد أن نسهم في بناء الأمة.

وكلما حفروا شِعبا، نقص من النهر مقدار، لكنه غير محسوس ولا منظور، ومع كثرة الحفر وزيادة الشِعاب، بدا النقص لأولي الخبرة بالماء؛ المحتاجين لكثير منه على الدوام، من مزراعين ورعاة ونحوهم. وغيرهم لم يفطنوا؛ إذ لم يدركوا، أولئك الذين كانت حاجتهم أقل؛ ولأجله كان من العسير على أولي الخبرة الإقناع بالخطر المحدق، فقد صاحوا وحذروا من تلك الشِعاب وما تصنع بمياه النهر، لكن الناس ما صدقوا .. !!، ظنوها مبالغات وتهويلات، فما هي إلا شعاب، وها هو النهر يجري، والناس يسقون، والبهائم ترعى، والزروع متوفرة، فاتركوا عنكم اتهام أناس طيبين، لهم جهود في خدمة البلدة، وتخلصوا من نظريات المؤامرة، فإنها أوقعتكم في هواجس ووساوس لا تتجاوز عقولكم.

وهكذا انصرف القاصدون تغيير مسار النهر إلى مهمتهم، لا يعوقهم أحد، فقد اشتغل العارفون بغير العارفين، كلاهما انشغل بالآخر، هذا يريد أن يبين الحقيقة وينصح للآخر، والآخر يريد أن يهدئ من روع الأول، ويكبح جماحه، والمياه في تناقص مستمر لا يتوقف .. !!.

زادت الشِعاب السارقة لمياه النهر، ودب النقص جليا باديا للعيان، فبادر أولو الخبرة يكررون ما نصحوا به أولاً، ويدللون بما يرون على صدق ما تنبئوا به، لكن ظهر في الطريق من يقول: إن السبب قلة الأمطار، وكثرة الاستهلاك، وثمة عوائق وضعت في الطريق عند النبع.

فصدقهم من صدق، ومضى الأمر على هذا الحال، من الخلاف والخصام، واستمرار خطة الاستيلاء، حتى جاء اليوم الذي تبخر فيه ماء النهر، فلم يعد يجري .. يخترق القرية، يسقيها، ويسقي من فيها.

أصبح الناس ممحلين ليس بأيديهم شيء، وبدلت جناتهم بجنات ذات أكل خمط، وأثل، وشيء من سدر قليل .. نجح ذووا المصالح الخاصة في خطتهم، فانحرفوا بماء النهر كله، وباجتماع تلك الشِعب الصغيرة، العديدة، صار النهر يجري إلى جهة أخرى، فأصبح أهل القرية يقلبون أكفهم على ما أنفقوا فيها، وهي خاوية على عروشها، ويقولون: يا ليتنا تنبهنا، وأدركنا قبل فوات الأوان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير