ثم التفت يوسف إلى ربه (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأرضِ أَنتَ وَلِيِّ فِي الدُّنُيَا وَالآخرةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ).< o:p>
وبهذه المناجاة الرقيقة وهذا الإبتهال الصادق والدعاء المتضرع الذى يشيع فيه عمق المحبة وقوة الصلة وسلامة القلب وإخلاص النية وأحادية التوجه يختم يوسف إحساناته بمخ العبادة وثمرة العمل ... فبعد سلسلة متلاحقة من إحسان العمل لخصتها الآية السابقة حق ليوسف الآن أن يختمها بإحسانه فى الدعاء مقدماً بين يديه الثناء على المنعم بما هوأهله ... وذكرآلائه وأفضاله الخاصة والعامة على الكون كله بسماواته وأرضه ... ومولياً أمره كله إليه فى دنياه وفى آخرته وسائلاً إياه حسن الخاتمة كما أحسن المقدمة.< o:p>
وبهذا الإبتهال والتعقيب والدعاء بحسن الختام يختم المولى عز وجل قصة نبيه الصديق عليه السلام فى هذه السورة.< o:p>
الخاتمة< o:p>
لقد انتهت القصة وتأكد السامع من حسن بيانها وصدق حديثها وعظيم معانيها وماذا بعد؟ أوتنتهى القصة عند هذا الحد؟ وأين تأثيرها على السامعين؟ < o:p>
لقد قص الله قصص رسله كأمثلة حية واقعية وكنماذج عملية مجربة لأصول الدين ومبادئ الإيمان.< o:p>
· أين نحن من عبر قصصهم تلك؟ ... فى جهادهم لتبليغ الدعوة وصبرهم واستقامتهم وثباتهم ويقينهم بحسن العاقبة حتى وإن بلغت بهم المشقة والمعاناة أقصى درجات التحمل؟ < o:p>
· أين نحن من عبر مضامين تلك القصص فى تحقيق أصول الدين الرئيسية بتوحيد الله ونفى كل شرك وأن الحكم لله وحده (تشريعاً وقضاءً وحكماً) فى الفرد والأسرة والمجتمع.< o:p>
· أين نحن من عبر مضامين تلك القصص فى تحقيق أخلاقها السلوكية الفاضلة بالتجرد من الفواحش ما ظهرمنها وما بطن؟ ... هلا اعتبرنا بيوسف وكيف أثمر صبره عن الفاحشة والهوى وعلى كيد الأخوة والنسوة عزاً وتمكيناً فى الأرض ولأجر الآخرة أكبر ... فتخلينا عن الزنا والربا والظلم والغش والرشوة وأكل أموال الناس بالباطل؟ < o:p>
· أين نحن من صدق يوسف وعفافه وحلمه رغم الجهل عليه وإكرامه لمن أساء إليه أين نحن من تسليم يوسف أمره لله والتجائه له والإستعانة به وحسن الظن به وصدق التوكل عليه ... وأين نحن من يعقوب عليه السلام فى قمة توكله وتسليم أمره لله دون الإصابة بالإحباط واليأس والقنوط؟ ... كيف يقنط المؤمن وهو يؤمن أنه موصول بالله وبروح منه ومن اتصل بروح الله فهو الحى غيرالميت ... السعيد غيرالشقى؟ ... كيف يقنط المؤمن وهويعلم أن الأمربيد الله وحده يقلبه كيف يشاء بواسع علمه وحكمته ورحمته؟ < o:p>
· هلا اعتبرنا بما كان من إخوة يوسف عندما اتبعوا الهوى الفاسد (العصبية والحسد والأنانية) فوجد فيهم الشيطان مركباً حملهم عليه ليحتنكهم وينزغ بينهم.< o:p>
إن التكبر والحسد وكبائر باطن الإثم النفسى المتبع هى شرك الهوى المؤله من دون الله فمن رضى بها وأصرعليها فقد ظلم وغوى وأضل وهوى وقائده وقدوته هوإبليس اللعين < o:p>
ومن ُذكر فتذكر وتاب واستغفر (كإخوة يوسف) فقد نجا وأفلح ... ومن جاهد النفس والهوى ولم يخلع لباس التقوى وأخلص لله السر والعلن (كيوسف) فذلك هوالمخلص التقى الصابر الشاكر السابق.< o:p>
تم بحمد الله وفضله< o:p>