تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذه الحقوق إذا قام الأزواج بها على وجهها كانت السعادة وكانت الطمأنينة وشعرت المرأة بفضل الزوج وأنه مؤمن قائم لله-?- بحقه وحقوق عباده، وإذا رأت المرأة من زوجها الاستهتار والاستخفاف بحقوقها تنكد عيشها وتنغصت حياتها حتى ربما أنها لا تستطيع أن تقوم بعبادتها على وجهها بما ينتابها من الوساوس والخطرات وبما تحسه من الذل والاضطهاد والأذية.

ولذلك قال العلماء: إن إضاعة حقوق الزوجات أعظم من إضاعة حقوق الأزواج، لأن الزوجة إذا ضاع حقها لاتدري ماذا تفعل ولا أين تذهب وهي تحت ذلك الزوج الذي يمسكها للإضرار والتضييق عليها.

وأما الرجل فإنه إذا ظلمته المرأة وضيعت حقه استطاع أن يطلق وقد يكون بقوته وما أعطاه الله من الخلقة وفطره عليها أن يصبر ويتحمل؛ ولكن المرأة لا تستطيع ذلك. ولهذا قال العلماء: ظلم النساء في حقوقهن عظيم والمرأة إذا ظُلمت ضاقت عليها الأرض بما رحبت فتحس أنها قد فشلت في حياتها وأنها لا مفر لها من هذا البلاء وليست كالزوج الذي يطلق وينفك من بلائه، ولهذا يكون مفرها إلى الله وشكواها إلى الله وتبث حزنها إلى الله وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً.

ولذلك أنزل الله في كتابه آية المجادِلة وأخبر أنه سمع شكوى المرأة من فوق سبع سماوات، قالت أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها وأرضاها-: إني لمن وراء الستر يخفى علي بعض كلامها وهي تقول إلى الله أشكو ثعلبة إلى الله أشكو ثعلبة، قالت فسمعها الله من فوق سبع سماوات فسبحان من وسع سمعه الأصوات.

فالمرأة إذا ظلمت وضيق عليها واضطهدت لا تستطيع الشكوى إلا إلى الله بل يبلغ ببعض النساء أنه يضيع حقها وتضطهد في بيتها وتظلم من زوجها ولا تستطيع الشكوى لا لأبيها ولا لأخيها ولا لقرابتها وفاءاً لبعلها وزوجها، وقد لاتستطيع الدعاء عليه ولا شكوى أمره إلى الله لأنها تحبه ولا تريد السوء له وهذا يقع في المرأة الحرة الأبية، ولذلك تقع بين نارين لا تستطيع الصبر عليهما إلا بالله-?-. هذه الحقوق التي فرض الله على الأزواج تنزلت من أجلها الآيات، ووقف النبي-?- في حجة الوداع أمام أصحابه في آخر موقف وعظ به أكثر أصحابه في حجة الوداع فكان مما قال: ((اتقوا الله في النساء)).

حق الأمر بطاعة الله: هذه الحقوق أعظمها وأجلها حق الأمر بطاعة الله-?-. فأول ما ذكر العلماء من حقوق الزوجة على زوجها أن يأمرها بطاعة الله-تبارك وتعالى- هذا الحق الذي من أجله قام بيت الزوجية فإن الله شرع الزواج وأباح النكاح لكي يكون عوناً على طاعته ويكون سبيلاً إلى رحمته،

فالواجب على الزوج أن يأمر زوجته بما أمر الله وأن ينهاها عما حرم الله، وأن يأخذ بحجزها عن عقوبة الله ونار الله.

أشار الله-تعالى- إلى هذا الحق العظيم بقوله: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} (1).

قال بعض العلماء: أمر الله نبيه-?- والأمر للأمة وللرجال من الأمة أن يأمروا أهليهم بما أمر الله وذلك بدعوتهم لفعل ما أوجب الله وترك ما حرم الله-?- فيكون الزوج في البيت آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر إذا رأى خيراً ثبت قلب المرأة عليه وإذا رأى حراماً صرفها عنه وحذرها ووعظها وذكرها وإلا أخذها بالقوة وأطرها على الحق أطراً وقسرها عليه قسراً حتى يقوم حق الله في بيته قال بعض العلماء: كان بعض أهل العلم يعجب من هذه الآية الكريمة: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً} كان بعض العلماء يتعجب من هذه الآية لأن الله قال فيها: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ} ثم قال بعد ذلك بعد أن أمره بالصبر وبالاصطبار عليها: {لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ}، قال: إنه ما من زوج يقوم بحق الله وما فرض الله عليه في أهله وزوجه ويَعِظُها ويُذكِّرها حتى يقوم البيت على طاعة الله ومرضاة الله إلا كفاه الله أمر الدنيا فالله-?- يقول: {لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً}. كأن إقامته لأمر الله طريق للبركة في الرزق وطريق للخير والنعمة على هذا البيت المسلم القائم على طاعة الله ومحبة الله-?-.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير