تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

للمرأة على بعلها حق الأمر بطاعة الله، ولذلك كان من وصية الله لعباده المؤمنين إذا أرادوا الزواج أن يختاروا المرأة الدينة المؤمنة الصالحة لأنها هي التي تقيم بيتها على أمر الله-?- وما فرض الله.

قال-?- تنكح المرأة لأربع: ((لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك)).

قال العلماء: إنما قال: ((فاظفر بذات الدين تربت يداك)) فاظفر بذات الدين لأنها غنيمة وأي غنيمة إن أمرها بطاعة الله أئتمرت وإن نهاها عن حدود الله ومحارمه انكفت وانزجرت.

هذا الحق وهو حق الأمر بطاعة الله إذا ضيعه الزوج خذله الله في بيته وخذله الله مع أهله وزوجه وأولاده فلم تر عينك رجلاً لا يأمر بما أمر الله في بيته ولا يتمعر وجهه عند انتهاك حدود الله مع أهله وولده إلا سلبه الله الكرامة وجعله في مذلة ومهانة وجاء اليوم الذي يرى فيه سوء عاقبة التفريط في حق الله الذي أوجب الله عليه في أهله وولده.

أمرنا-جل وعلا- أن نقي أنفسنا وأهلينا ناراً وقودها الناس والحجارة فمن ضيع هذا الحق سلب الله المهابة من وجهه وسلب الله المهابة من قلب أهله وولده، وأما إذا رأت عيناك زوجاً آخذاً بحجز زوجته عن نار الله يقيمها على طاعة الله ومرضاة الله وجدت المحبة والمودة والهيبة والإجلال، ومن وفى لله وفى الله له، ولذلك قال الله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَنُ وُدّاً} (1). فالذي يأمر زوجته بما أمر الله ويقيمها على طاعة الله ومرضاة الله يضع الله له القبول والمحبة والهيبة والكرامة، ولذلك ينبغي على الزوج أن يضع نصب عينيه أول ما يضع أن يقيم بيت الزوجية على طاعة الله وتقواه، ولا يستطيع أن يقوم بهذا الحق على أتم الوجوه وأكملها إلا بأمور مهمة نبه العلماء أو بعض أهل العلم على بعضها:

أولها: وأعظمها أنه إذا أراد نصيحة زوجته بأمرٍ بما أمر الله أو نهي عما حرم الله فينبغي أن يكون السبب الباعث له هو مرضاة الله بمعنى أنه إذا وعظ زوجته فأراد أن يأمرها بطاعة الله أو ينهاها عن معصية الله لا ينطلق من جهة السمعة أو من جهة العاطفة، ولذلك تجد الرجل يقول لامرأته (فضحتيني)، أو ماذا يقول الناس عني أو نحو ذلك من محبة السمعة أو العواطف التي لا ينبغي أن تكون هي أساس دعوته ومحور وعظه ونصحه.

قال بعض العلماء: لا يبارك الله لكثير من الأزواج في وعظهم لزوجاتهم لأنهم يعظون خوفاً على أنفسهم وخوفاً على السمعة لكن إذا وعظ الرجل ووعظ الزوج وهو يخاف الله على زوجته ويخشى أن يصيبها عذاب الله بارك الله له في كلماته وبارك الله له في موعظته وبلغت الموعظة مبلغها وكان لها أثرها، ولذلك أول ما يوصى به من يأمر أهله ويعظهم ويريد أن يحثهم على طاعة الله أن يخلص لله في دعوته.

أما الأمر الثاني: القدوة فإن الزوجة لاتطيع زوجها ولا تمتثل أمره ولا تعينه على أداء هذا الحق في امتثال ما يقول إلا إذا كان قدوة لها، ولذلك الواجب على الزوج أن يهيء من نفسه القدوة لزوجته كيف تطيع الزوجة زوجها إذا أمرها بواجب وحثها على أدائه وهي تراه يضيع حقوق الله وواجباته، كيف تطيع الزوجة رجلاً يقول لها اتقي الله وتراه ينام عن الصلوات ويضيع الفرائض والواجبات وتراه لايبالي بحقوق الناس، فلذلك إذا وجدت القدوة تأثرت الزوجة وأحست أن هذا الكلام الذي يخرج من الزوج يخرج بإيمان وقناعة وأنه ينبغي أن تمتثله وأن تسير على نهجه لأنها ترى الكلام مطابقاً للفعل فتتأثر بذلك وسرعان ما تمتثل.

أما الأمر الثالث: تخير الكلمات الطيبة التي تلامس شغاف القلوب وتؤثر في المرأة فتستجيب لداعي الله بامتثال أمره وترك نهيه وهذا هو الذي أوصى الله به كل من يعظ فقال-سبحانه-: {وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً} (1). فالذي يريد أن يقيم زوجته على طاعة الله يتخير أفضل الألفاظ وأحسنها والتي تؤثر في نفسية الزوجة ترغيباً أو ترهيباً فإن كانت الزوجة تستجيب بالترغيب حثها بالترغيب وإن كانت تستجيب بالترهيب حثها بالترهيب وخوفها ويكون ذلك بقدر مع اشفاق وخوف من الله-?-.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير